تثير الذكرى السنوية لجلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن مشاعر وطنية وقومية في نفوس السوريين وكل عربي مؤمن بأن أمته تستحق الاستقلال والعيش الكريم. ولا شك في أن جيلنا اليوم هو الأكثر دراية في تحويل هذه المشاعر إلى دروس تبني وعياً متطوراً في أهمية الاستقلال. فهذا الجيل اليوم يكمل مسيرة آبائه وأجداده في المعركة ذاتها من أجل الاستقلال الناجز والكامل..
لعل أول الدروس هو أن الاستقلال الحقيقي يختلف عن الاستقلال الصوري الذي يقتصر على علمٍ ودولةٍ ومقعدٍ في الأمم المتحدة. الاستقلال الحقيقي هو استقلال القرار والخيار وعدم الارتهان للأجنبي مهما كانت التضحيات..
وثاني الدروس هو أن الشعب العربي السوري كان ومازال طليعياً في صنع الاستقلال وحمايته. فهو الشعب الذي انتصر على الدولة العثمانية، دولة الانحطاط والتخلف، منتصراً بذلك على أسوأ أشكال الاحتلال التقليدي. كما انتصر هذا الشعب على ما أسموه بالانتداب وهو حلقة وسيطة بين الاستعمار التقليدي والاستعمار الجديد. كان السابع عشر من نيسان /1946/ يوم هذا الانتصار العظيم، ويوم بدأت مسيرة التحرير من الاستعمار الجديد بأشكاله المعروفة، كالتبعية الاقتصادية والسياسية، وسياسات الهيمنة والأحلاف والتدخل في خيارات الشعوب وثقافاتها..
والدرس الثالث هو أن جيلنا اليوم يواجه أعلى مراحل الاستعمار الجديد والصهيونية والتكفيرية وكل أشكال الهيمنة ورأس حربتها الارهاب في قسميه: إرهاب الدول وإرهاب العصابات المرتزقة..
إن ما يميز معركتنا اليوم لترسيخ استقلالنا وجعله أكثر متانة في ظروف تضخم سياسات الهيمنة والصهيونية هو أننا نواجه عدواً جمع في حربه على سورية كل أشكال الاستعمار، قديمة وحديثة. فالمحتلان الأمريكي والتركي يمثلان على أرضنا عودة الاحتلال التقليدي مضافاً إليه وسائل الاستعمار الجديد والهيمنة والإرهاب..
لقد اعترف المؤرخون بحقيقة أن سورية كانت أول بلد نال الاستقلال في المنطقة، وأول بلد رفض مشروع أيزنهاور «ملء الفراغ» وأول بلد رفض الأحلاف وحاربها وأسقط ما كان يسمى «حلف بغداد»، وأول بلد شكل مع مصر أول وحدة عربية في التاريخ المعاصر، وأول بلد بنى اقتصاده دون ارتهان للخارج رافضاً وسائل الاستعمار الحديث «القروض وغيرها»..
وقريباً سوف يعلن المراقبون انتصار سورية على كل أشكال الاستعمار والاحتلال والإرهاب مجتمعة، فنكون بذلك أول بلد تجرأ شعبه على مواجهة هذا الحشد غير المسبوق من قوى القتل والتدمير والحصار والحروب الإعلامية والنفسية..
إن شعبنا هو الأول دائماً في هذه المعارك يقوده الرفيق الأمين العام لحزبنا سيادة الرئيس بشار الأسد، القائد الأول في مواجهة ما لا يجرؤ على مواجهته أحد..
فتحية إلى هذا القائد، صانع النصر وحامي الاستقلال، في يوم الجلاء. وتحية إلى أهلنا الأشاوس في الجولان المحتل وفي المناطق السورية الواقعة تحت الاحتلال التركي والأمريكي وما يتبع لهما من عصابات الإرهاب.. وتحية إلى جيشنا البطل.. وإلى شهدائنا الأبرار منذ عهد الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي وحتى اليوم..
دمشق 17 نيسان 2020 القيادة المركزية