عندما يحاضر الفاسدون – يونس خلف

عندما يحاضر الفاسدون ..!
الثورة – يونس خلف
بلا مقدّمات نسأل : هل كلّ من يتحدث عن الفساد يحارب الفساد فعلاً ؟ لا بل ثمة سؤال ربما يلامس الجرح المفتوح أكثر : كيف لفاسد يمكن أن يحاضر عن الفساد وآثاره وأسبابه ويطالب بمحاربة الفساد .؟ والأمر لا يقتصر على مجال واحد وإنما يمتد ليشمل- مثلاً – مديراًفاشلاً يمكن أن يحاضر عن قصص النجاح في قيادة العمل الإداري أو مسؤول يتحدث عن النزاهة وهو غارق بالفساد أو صاحب شأن يتحدث عن حرية الرأي والتعبير وهو متسلط ولا يرى الصحيح إلا في رأيه وما يريده ويشتهيه .. إلى ما هنالك من الأمثلة الموجودة في واقع الحال والتي تتطلب مواجهة ليتبين للجميع الواقع على حقيقته ، لكن السؤال هنا : من الذي يبدأ بالمواجهة الحقيقية .. الإعلام الذي رأى السيد الرئيس بشار الأسد بأنه ( هو الذي يجمعنا معاً للنقاش ويضع منهجية حقيقية لحوار جدي وناضج ومنتج .) أم المؤسسات الرقابية والمنظمات والنقابات … وفي كلّ الأحوال سواء كانت الانطلاقة من الإعلام أو غيره إلا إن الإشكالية التي تواجه محاربة الفساد هي أننا لم ننطلق بعد من القاعدة الأساسية لمحاربته وهي التي أشار إليها أيضاً أكثر من مرة السيد الرئيس وهي البنية القانونية التي هي أساس الفساد ، والأمر هنا مرتبط كذلك بالحديث عن التنمية الإدارية فمهما كثر الحديث عن التطوير في أي مرفق لن يحصل من دون تشخيص حقيقي وإذا لم يحصل ذلك يكون شأننا شأن المريض الذي يرفض الذهاب إلى الطبيب لإجراء الفحوصات وتحديد سبب المرض، والأخطر أن يتم إخفاء حقيقة المرض بدل تشخيصه والسعي لمعالجته والوقاية منه ، في حين أن بعضنا عندما يتحدث عن الفساد مثلاً لا يتجاوز حديثه أكثر من وصف الحريق دون المشاركة في إخماده ويقتصر الأمر التأكيد على ضرورة محاربة الفساد وشرح آثاره وتداعياته و بأن الفساد يتمثل في سوء استخدام المنصب ويشمل الرشوة والابتزاز …
من هنا يمكن التأكيد على أهمية كشف الفئات التي تقوم بعملية الفساد .؟ و كيف يمكن الوصول إلى فساد تلك الفئات التي تحتل مواقع معينة في جهاز الدولة واغتنت من خلالها وأيضاً التركيز على الفساد الإداري الذي يعتبر من أهم أنماط الفساد لا سيما أن ظاهرة الفساد لم تعد عيباً لدى الفاسدين والمفسدين وليست تهمة يخجل منها البعض لابل ربما البعض يعتبرها من شرط الارتقاء في الوظيفة والمرتبة والمسؤولية فأن تقول للفاسد إنك فاسد لا يعني له ذلك تهمة ويظن أنك تمدحه ، وثمة شكل آخر من ممارسة الفساد وهو تشبيك جوقات من الفاسدين لاقتسام غنائم الفساد وتوزيعها على بعضهم وعلى أصحاب الشأن وأولي الأمر من الفاسدين و المفسدين ، من هنا يجب أن نتعامل مع حالات الفساد التي يتم اكتشافها بالصدفة بعقلية البناء على ما يحدث وليس هدمه والتهكم عليه ووضعه في التداول لمجرد التسلية والتشهير ، لأن الحرب الرابعة كما وصفها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته لمجالس الإدارة المحلية بالمحافظات (حرب الفساد ) مثلها مثل حرب الحصار وحرب القتل والتدمير والحرب الاقتصادية ولذلك من أولى الأولويات التفكير بأدوات وأساليب مواجهة هذه الحرب وألا نستهين بأي ظاهرة من ظواهر الفساد ، ولذلك يبقى السؤال : كيف نؤسس لقاعدة متينة تحصن المجتمع ومؤسسات الدولة والأفراد من خطر الفساد وكيف يمكن تمتين خندق المواجهة في الحرب على الفساد ، وعندما يؤكد السيد الرئيس أن المسؤولية مشتركة وينبه أيضاً أن بعض الأمور لا تتطلب انتظار حلّها من الجهات الأعلى فإن ذلك يتطلب الوقوف عند حدود وحجم مسؤولياتنا كمؤسسات وأفراد بحيث تكون واضحة ومحددة وخاضعة للقياس كي لانقوم دائماً بترحيل المسؤولية إلى غيرنا لاسيما أن البعض يرى بأن كلّ الحلول وبما فيها محاربة الفساد تكون من الأعلى وهذه معضلة أيضاً تحتاج إلى حديث لاحق .
الكنز – يونس خلف
22-03-14
اخبار الاتحاد