راوي الفرات العذب.. فؤاد بلاط في ذكرى الرحيل

الثورة:
راوي الفرات العذب، ربما كانت أجمل عبارة عنونتها صحيفة “الأخبار” وهي ترثي الإعلامي فؤاد بلاط يوم رحيله، فهو راوي الحكايات التراثية الفراتية، وراوي المواقف والمفارقات التي واجهته طوال نصف قرن من العمل في الإعلام، وهو الصحفي الفذ الذي أطلق برامج ثقافية لم تبرح ذاكرتنا إلى يومنا.
من “نادي السينما” إلى “من الألف إلى الياء” مروراً بـ “أعمال خالدة”، وغيرها الكثير من البرامج الوثائقية وذات الطابع الثقافي والترفيهي، كان له قصب السبق في إطلاقها يوم كان في سدة المسؤولية بالإذاعة والتلفزيون، فكانت له مسيرة إعلامية حافلة ومتنوعة وغنية على مدى أكثر من نصف قرن، ولعب الراحل دوراً أساسياً في تطوير الإذاعة والتلفزيون والإعلام في سورية، واستطاع نقل التلفزيون من الأبيض والأسود إلى الألوان، وإرسال البث إلى كل المحافظات السورية، وإنشاء المحطة الإذاعية “صوت الشعب”، وبث القناة الثانية.
درس العلوم السياسية في ألمانيا بين عامي 1962 و1965، وحصل على إجازة الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق عام 1971، وبدأ العمل الإعلامي محرراً في صحيفة “الاشتراكي” عام 1968، ومنذ ذلك العام عمل بلاط بالصحافة، وشغل العديد من المراكز، بينها مدير تحرير مجلة جيش الشعب، ونائب رئيس تحرير صحيفة الثورة، وتولى منصب مدير التلفزيون السوري، ومدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومدير مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني، ومعاوناً لوزير الإعلام، وعمل أيضاً مستشاراً لجهات عدة، ونائباً لرئيس المجلس الوطني للإعلام.
حمل الأمانة الإعلامية بإخلاص، وترك الذكر الطيب ومحبة الآخرين، ومواقفه النبيلة لا تنسى، وفي العاشر من نيسان الماضي رحل عن عمر ناهز 81 عاماً، وترك (أبا عمر) وراءه القيمة الكبرى التي يعتز بها كل من عرفه، ترك الذكر الطيب والشهامة والذكاء والثقافة ومحبة الآخرين، كيف لا وقد كان الودود صاحب الخلق الرفيع، المحب للجميع والذي لم يختلف طيلة حياته مع أحد، وكان يحظى بتقدير ومحبة كافة زملاء العمل، ومثالٌ حي للإدارة الفاعلة، حيث يُشعر مرؤوسيه بأنهم لا يصدرون إلا عن إرادتهم الحرة وهم ينفذون بمحبة إرادة احترامه وصداقته الصافية.
بلاط مثقف وإعلامي وإداري بارع، وسياسي متألق وناجح في كافة المناصب التي تقلّدها في مجال الإعلام، تجسّدت فيه معاني الوطنية الصادقة وحب الوطن، ودماثة الخلق والوفاء والصدق والنزاهة والحكمة والتواضع.
انحدر من مدينة الميادين في محافظة دير الزور، ونعاه يوم وفاته صحفيون وكتاب سوريون، واستذكروا مواقفه النبيلة، فهو من عُرف داخل الأوساط الإعلامية والصحفية بأنه يساعد الكثيرين، فلم يتوان عن تقديم الخير والعون لكل محتاج، وكان متسامحاً، حمل الأمانة الإعلامية بإخلاص، وأعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم.

بقلم فادي رحمو

اخبار الاتحاد