الثورة – يمن سليمان عباس:
شكل الجلاء حدثا سياسيا مهما في النصف الأول من القرن العشرين لسورية بل هو تتويج لنضال الجماهير العربية السورية ضد المحتل بدءا من ثورة الشيخ صالح العلي إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش إلى كل الثورات من الغوطة إلى درعا ودير الزور وكل حبة رمل وتراب.
ولهذا كان الاحتفال بهذا الحدث عظيما وكبيرا فانبرى الكتاب والشعراء والمبدعون ومازالوا يكتبون لمجد الوطن يفخرون بالجلاء ويعتزون ببطولات الشعب الأبي .
وبدوي الجبل واحد من هؤلاء الذين كان الجلاء قيثارة إبداعهم شعرا ونثرا …
من خطاب له ألقاه في أول احتفال بمناسبة الجلاء عام ١٩٤٦م في ساحة الشيخ ضاهر نقتطف:
هذا يوم القومية العربية ..هذا يوم الأمة مجتمعة قوية لا يوم طائفية ولا إقليمية….اليوم يومكم أيها الشهداء ألا ترون الراية البغيضة وقد نكست ودياركم وقد طهرها الدم فما تدنست …اليوم يومكم أيها الشهداء فقد بنيتم نهاره من آبائكم وليله من شفائكم وفجره الأحمر من دمائكم ..
اليوم يومكم يا أهل الشهداء ..زغردن يا أخوات الشهداء ..زغردن يا بنات الشهداء ..زغردن يا أمهات الشهداء فعروس الجلاء غالية حسناء وقد أعطى الشهداء صداقها من أرواحهم وسكبوا العطور عليها من كلومهم وجراحهم ..
اليوم يومكم أيها الشباب ..لقد كنتم الأمناء على أمجاد العرب وتاريخ العرب فما شغلكم الصبا الريان عن مكافحة الطغيان ولا صرفتكم الواجبات المدرسية عن الواجبات القومية.
هذا يومك أيتها المرأة العربية لقد قربت البنين على مذبح الاستشهاد ضاحكة مستبشرة وقبرت بيديك الحنونتين صرعى الحربة من الأزواج والبنين وأنت مهللة مكبرة ..
اليوم يومكم أيها العرب .. الأرض للوائكم والسماء لشهدائكم .
وبدوي الجبل في شعره المجلي هو الذي غنى الجلاء بأروع القصائد فهو القائل :
الزغاريدُ، فقد جُنَّ الإباءُ
من صفاتِ الله هذي الكبرياء
بنتُ مروانَ اصطفاها ربُّه
لا يشاءُ الله الا ما تشاء
أيُّها الدنيا ارشفي من كأسِنا
إن عطرَ الشامِ من عطرِ السماء
شهداءُ الحقِّ في جنَّتهم
هزَّهُم للشامِ وَجدُ ووفاء
تضحكُ الربوةُ في أحلامهم
هل عن الربوةِ في عَدنٍ غناء؟
كلما هبَّت صباً من دُمَّرٍ
رنَّحَ الجنةَ طيبٌ وغناء