على موعد مع مجلس الاتحاد والمؤتمر العام الأول من الدورة السابعة لاتحاد الصحفيين يومي السبت والأحد القادمين، ومن موقع عملي الإعلامي وواحداً من الإعلاميين في سورية أعتقد أن ثمة ورقة في غاية الأهمية يجب أن تأخذ حقها في النقاش لعل وعسى تدخل هذه المرة دائرة الاهتمام، ولا أطرحها هنا بصفتي النقابية لأننا في المكتب التنفيذي تقدمنا بتقارير تفصيلية حول واقع العمل في الاتحاد وإجابات واضحة لمعظم قضايا الصحفيين وكيف يتم التعامل معها وماذا فعل الاتحاد لمتابعتها.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم:
ما فائدة الكتابة؟ ولماذا نكتب..؟ ولمن نكتب..؟ وهل هناك من يقرأ ما نكتب؟
صحيح إن الصحف الورقية غابت بحجة أن وباء كورونا الذي يمكن أن ينتقل عبر ورق الجرائد، لكنه لا ينتقل عبر وسائط النقل الجماعي أو الملاعب والصالات والمدارس والجامعات وغير ذلك..؟! لكن رغم ذلك هناك من يتابع ما يتم نشره عبر مواقع الصحف الإلكترونية والفيسبوك لكن لا وجود لأي صدى لما يكتب! و الحكومة التي ننتظر منها أن تكون جزءاً من نجاح الإعلام لا تحرك ساكناً رغم أنها تتابع كل ما ينشره الإعلام.
القضية الثانية في ورقة العمل التي يجب أن تحظى بالمناقشة هي مشكلتنا في عقلية بعض الأشخاص الذين يقودون العمل الإعلامي في المؤسسات، والذين مازالوا يعملون بعقلية ومنطق الإخضاع وليس الإقناع، وكأن العالم لم يتغيّر من حولهم.
وثمة مشكلة مزمنة وصعبة ومعقدة ومركبة وهي التي لايريد بعض أصحاب الشأن تجاوزها في كلّ الحكومات المتعاقبة تتلخص بأن الإعلام يحتاج إلى رفع سقف الاهتمام والدعم والفهم الصحيح لكي يتحول من مرآة للحكومة إلى مرآة للوطن، والسقف الثاني الذي ينتظر الارتفاع أيضاً هو سقف الأجور لكي لا يضطر الصحفي إلى توزيع جهوده ووقته في أكثر من مكان وفي اختصاصات إعلامية مختلفة لكي يستطيع مواجهة تكاليف الحياة الصعبة. فهل يوجد الآن صحفي سوري يكرّس جهوده وموهبته ووقته لوسيلة إعلامية واحدة يعمل بها ويشعر بالانتماء لها وبالأمان الحقيقي فيها ليعطيها بقدر ما تعطيه وأكثر؟
كل صحفي سوري يدرك اليوم أنه مطلوب من الإعلام الوطني أن يواجه التحديات وأن ينافس امبراطوريات إعلامية ويتصدى لها، ومطلوب منا تعزيز مساهمة الإعلام في إبراز دور سورية والمكانة التي تتبوَّؤها إقليمياً ودولياً، وهذا يتطلب فتح الأبواب والعقول وتأمين المتطلبات والمقومات الأساسية بما يمكّن الإعلام والإعلامببن من التحول إلى قوة حقيقية تليق بسورية وصناع انتصاراتها وشجاعة وحكمة قائدها.
ليس من المنطق والمعقول أن يكون هناك صاحب قرار يقول عن رفع سن التقاعد للإعلاميين اذهبوا إلى بيوتكم وأعطوا الفرصة لغيركم كي يعمل.
غير معقول أن يمضي الصحفي سنوات من العمل في مؤسسته الإعلامية بموجب عقد سنوي أو مياوم، وفي ظروف صعبة، وخلال سنوات الحرب، ويطالب بتثبيته وتوفير الضمان والأمان لعمله فيقال له يجب أن يخضع لمسابقة جديدة ويبدأ من الصفر!
غير معقول أن يطلب الصحفيون المساعدة لتسهيل عملهم وتحسين مستوى معيشتهم والنظر إلى خصوصية مهنتهم ورسالتهم، ليقال لهم مثلكم مثل كل المهن والاختصاصات، في حين تم زيادة طبيعة العمل لبعض الاختصاصات.
مشكلة حقيقية أن تكون هناك توجيهات عليا تقول بأن افتحوا الأبواب أمام الصحفيين بينما نعاني من العقول المغلقة.
نحن بحاجة إلى الاهتمام بنا والتعامل معنا من أصحاب قرار وليس اللاقرار أو التريث أو الترحيل، وبحاجة إلى كسر أزمة الثقة بين غالبية المسؤولين والإعلام.
وبحاجة إلى من ينتبه ويهتم بالمزاج العام للإعلاميين وهاجسهم الدائم الذي طالما كان مرتبطاً بتدني العائد المادي الذي يجنيه الصحفي من عمله في الصحافة والتحديات التي تواجهه في حياته المعيشية، إضافة إلى وجود مشكلة حقيقية وهي فزاعة الترويج للخوف والتخويف وليس للجرأة والشفافية، ومن بين هؤلاء من يعمل على هدم جسور التواصل وليس تمتينها.
ثمة إشكالية في فهم الموقف والتعامل مع الإعلام أنه أهم سلاح للدعم الشعبي للحكومة ولذلك يبقى السؤال: هل تفعل الحكومة ما يجب أن تقوم به لاستثمار الإعلام؟ وهل تعمل فعلاً لتكون جزءاً من عوامل نجاح الإعلام؟ يبدو بالفعل أن المشكلة مثل المريض الذي يذهب للطبيب الذي لا يشرح له أعراض مرضه بوضوح ولا يساعده بتشخيص المرض. فهل يكون المؤتمر مناسبة لتجاوز كثير من القضايا المزمنة. وهل ستلبي الحكومة دعوة اتحاد الصحفيين لحضور المؤتمر والاستماع لفرسان الكلمة كما تستمع لغيرهم.