كيف يمكن النظر اليوم إلى العملية الإعلامية من حيث المفهوم والأهمية والأهداف ودور وسائل الإعلام في تعزيز السلوكيات التي تتوافق مع القيم والمعايير ودورها في مواجهة السلوكيات التي لا تتوافق مع القيم والمعايير وروح العصر.؟ هذا السؤال المحوري الذي يطرح نفسه على هامش ما ينادي به الجميع اليوم حول أهمية التربية الإعلامية والتي تعني أول ما تعنيه مهارة التعامل مع الإعلام فدور المؤسسة الإعلامية لا يقل أهمية عن دور المؤسسة التربوية في التنشئة الاجتماعية للفرد والوقت الذي يقضيه الطفل أو الشاب في تعامله مع وسائل الإعلام لا يقل عن الوقت الذي يقضيه في المدرسة ، وإذا كانت وسائل الإعلام تؤدي وظيفة ثقافية وتربوية حتى بالنسبة إلى من يجهل الكتابة والقراءة ولمن لم يتعلم في المدرسة فإن المدرسة ووسائل الإعلام يخدمان نفس الأغراض التربوية فكيف يمكن أن تتوافر آليات مناسبة للعمل تسهم في نشر مفهوم التربية الإعلامية وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام .؟ إن الاهتمام المطلوب اليوم بالتربية الإعلامية يستمد أهميته وضروراته الملحة من أهمية العمل من قبل كل الجهات ذات الصلة بإعادة تشكيل الوعي الوطني في ضوء الأزمة الراهنة ومواجهة محاولات تهديم و إلغاء الهوية الوطنية ودور وسائل الإعلام في عملية التنشئة الاجتماعية لا سيما أن الحرب الإعلامية اليوم من أشد الحروب خطورة لأنها تفتك بالثوابت القومية للأمة وتحاول صناعتها من جديد وفق منظومة معادية لهذه الثوابت والأمر يكتسب خصوصية وأهمية استثنائية في ظل التضليل الإعلامي الذي نشهده كأحد أشكال التآمر على سورية من هنا تبرز أهمية الدور الملقى على عاتق كل الجهات الفاعلة على المستوى الاجتماعي والمعنية بتنشئة الفرد و تنمية الانتماء الوطني و التأكيد على أن كل المؤسسات شريكة في بناء هوية وطنية سورية يكون فيها الانتماء للوطن أكبر من أي انتماء آخر بدءاً من دور المؤسسات التربوية وكوادرها من مختلف المستويات والاختصاصات مروراً بتكامل أدوار الأحزاب و المنظمات و المؤسسات الثقافية والإعلامية و الدينية في ترسيخ مفاهيم المواطنة ونؤكد هنا على دور المؤسسات الدينية ومسؤولية رجال الدين بتقديم مفاهيم الدين الصحيحة ومنع محاولات تحريفه والإتجار به وأيضا مسؤولية مؤسسات المجتمع في بناء الوعي وبخاصة الأطفال والشباب لصقل مهارات التلقي والتعامل الناجح مع وسائل الإعلام وتكوين رؤية تربوية ناضجة للتمييز بين السلبي والإيجابي والمفيد والضار وصولاً إلى ما يجب أن نفعله لتأسيس شخصية وطنية سورية ترمم آثار الأزمة على الوعي الوطني وسبل تشكيل منظومة أخلاقية فكرية جامعة ترقى بالانتماء للوطن وتعزز الهوية الوطنية . ولعل خلاصة القول هي في السؤال: ما هو الحل ؟ الحل أن يتحمل الجميع المسؤولية وأن تبادر المؤسسات التربوية والثقافية والدينية بوضع برامج عمل وتنفيذها وتحديد آليات التنفيذ ومتابعة رجع الصدى لما تقوم به في هذا المجال .