المعارضة السورية «المفحوصة»؟

مقال الدكتور خلف المفتاح رئيس مكتب الإعداد والإعلام والثقافة القطري في صحيفة الثورة اليوم الاثنين 2016/8/22

المعارضة السورية «المفحوصة»؟

في كل مرّة تتحفنا الإدارة الأميركية ووسائل الإعلام المروّجة لسياساتها بمصطلحات جديدة غايتها شرعنة عمل الجماعات الإرهابية وإجراء عملية غسيل سياسي لإجرامها ومحاولة تهجينها وتسويقها
وتقديمها للرأي العام على أنها (معارضة معتدلة) ولعل آخر ما تفتّق عنه العقل الاستخباراتي الأميركي ومطبخه الإعلامي إطلاق مصطلح المعارضة السورية المفحوصة للتدليل على طبيعتها وتكوينها، وبالتدقيق بالمصطلح ومضامينه تبيّن أن المقصود بهذه المعارضة (الموضة) هو تلك الجماعات المسلحة التي تملك خبرة قتالية وكفاءة عسكرية ومجموعات قتال قادرة على تحقيق نجاحات على الأرض بمواجهة أي قوات معادية للتحالف الأميركي سواء كانت «داعش» أو غيرها بعيداً عن الأيديولوجيا التي يحملها منتسبوها أو انتماءاتهم الدينية والعرقية وجنسياتهم حيث تقوم الولايات المتحدة الأميركية بتزويدها بالسلاح وتتولى السعودية وقطر تقديم الأموال لها بينما تقوم كل من تركيا والأردن بتأمين التدريب والدعم اللوجستي لمجموعاتها القتالية الإرهابية

ومن الواضح من خلال ما تمت الإشارة إليه – وهو حديث أميركي جدي – أن الإدارة الأميركية وتحديداً البنتاغون ووكالة الاستخبارات الأميركية عاقدة العزم على إطالة أمد الحرب العدوانية الإرهابية التي تُشن على الشعب السوري وأن لا نيّة حقيقية لديها للوصول إلى حلّ سياسي وهو ما يكثر الحديث عنه بهدف الاستهلاك الإعلامي ومحاولة كسب الرأي العام وتضليله بقصة الحرب المزعومة على الإرهاب، فالواضح أن الإدارة الأميركية وحلفاءها الإقليميين يسعون لشراء الوقت والرهان على الزمن الذي يبدو أنه ورقتهم الوحيدة التي يعتقدون أنها ضاغطة على الدولة السورية وحلفائها بغاية الابتزاز السياسي والحصول على مكاسب حال التوصل إلى حلّ سياسي توافقي

إنه من الواضح للجميع أن لا إرادة سياسية متوفرة حتى الآن لدى أطراف العدوان على الشعب السوري بالسعي الجاد للوصول إلى حلّ سياسي وأن كل الأطراف المنخرطة في ذلك العدوان تسعى لتحقيق مكاسب على الأرض بشكل مباشر أو بالاعتماد على العصابات الإرهابية والقوى الأخرى التي تمارس العمل المسلح خارج إطار الشرعية التي يمثلها الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني والقوى التي تعمل بالتنسيق والشراكة مع الحكومة السورية في حربها على الإرهاب وهي في سعيها هذا تعتقد واهمة أنها ستحصل على مكاسب ونفوذ سياسي حال التوصل إلى حلّ سياسي توافقي يعادل (حصتها) أو سيطرة وتواجد أدواتها الإرهابية بمسمياتها المختلفة على جغرافيا الصراع ولعلّ هذا السبب بالذات هو الذي يفسر استماتة هذه العصابات الإرهابية ومُشغليها الدوليين والإقليميين على تحقيق مكاسب ميدانية في حلب وغيرها من المناطق السورية الساخنة

لقد غاب عن أذهان القوى المنخرطة في العدوان على الشعب العربي السوري أن السلطة الوطنية السورية تملك ورقة شرعية تمثيل السوريين وشرعيةَ الدفاع عن كامل الجغرافيا السورية وأنها المسموح لها حصرياً استخدام القوة والعنف الشرعي لتحقيق الأمن والاستقرار على الأراضي السورية بكاملها وهذا مبدأ مستقر في القانون الدولي ما يعني أن سيطرة أي جماعة مسلحة أو غيرها على أي جزء أو بقعة من الأراضي السورية هو أمر غير شرعي وبمثابة الاحتلال الذي لا بد أن ينتهي ويزول ما يعني أن الجيش العربي السوري وقواتنا المسلحة عند استعادتها لأي جزء من الأراضي التي تسيطر عليها العصابات المسلحة أو غيرها من جماعات تحمل مسميات كاذبة ومخادعة ومدسوسة على سورية والسوريين لا تكون غايتها امتلاك أوراق سياسية وإنما بسط الشرعية على هذه المناطق وتخليص المواطنين من سطوة هذه العصابات وإعادة الأمن والاستقرار إليها ومنع القوى الـمُشغِّلة لهذه العصابات من استثمار هذه الورقة (أي ورقة الأرض) حال التوصل إلى صيغة حلّ سياسي توافقي، فالورقة الأقوى التي نمتلكها كسلطة وطنية هي ورقة الشرعية ومحاربة الإرهاب والعدوان الخارجي الذي يستهدف السيادة السورية

إن سياسة التلاعب بالمصطلحات والمفاهيم والسعي لتسويقها إعلامياً وسياسياً وهو ما تتبعه الإدارة الأميركية لن تُجدي نفعاً فالإرهاب هو الإرهاب والإجرام هو الإجرام والمعارضة الوطنية ليست بدعة أو اجتهاداً وإنما هي حالة سياسية شرعية لها آليات إنتاجها وأسلوب عملها الديمقراطي السلمي ولا يمكن لأميركا أو غيرها مهما امتلك من قوة تقانة ونفوذ إعلامي وسياسي وعسكري أن تغيّر الحقائق والوقائع على الأرض أو تغيِّب وعي الناس لأننا أصبحنا نعيش في عالم أضحى قرية صغيرة وفضاء مفتوحاً لا يمكن لأي قوة في الأرض التحكم بإحداثياته وحيثياته وردود فعله وإرادة أبنائه.

 

 

 

 

 

 

اخبار الاتحاد