بالأمس القريب وليس بالزمن البعيد، أي قبل عشر سنوات كان لدينا فائض من إنتاجنا الزراعي، أربعة ملايين طن قمح مخزون احتياطي , وثلاثة منها إنتاج سنوي، إن لم يكن أكثر، ومليون طن من الحمضيات ومن القطن مثلها أو يزيد, ومن الزيتون وزيته مئات آلاف الأطنان, وووو..إلى آخره من مواسم الخير التي كنا نتغنى بها نحن كسوريين وننعم بأكلها ونتلذذ بطيبها, إلى أن أصابتنا عين الحسد ويد الغدر من أهل الطمع والجشع من الدول الاستعمارية المتكالبة على خيرات الشعوب، ومن لف لفّهم من أهل الخيانة والغدر من أهل البلد , فكانت المؤامرة الكبرى والحرب الكونية، واستكمالها بعقوبات اقتصادية استهدفت ما تبقى من مقومات اقتصادنا الوطني, بعد أن دمرت آلة الحرب المكون الزراعي ومواسمه الرئيسة، جانب استهداف المكونات الصناعية والنفط وغيرها, لكن الاستهداف المباشر كان للقطاع الزراعي والحيواني, نظراً لأهميته في استقرار الوضع الداخلي وتأمين حياة المواطن المعيشية من جهة, وما يشكله من حالة اقتصادية متكاملة داعمة للاقتصاد الوطني, وهي أولى حلقات الاستقرار له، من جهة أخرى و الأهم عدّه أيضاً أهم الموارد الرئيسة للدخل القومي وعليه مسؤولية تأمين سبل ووسائل العيش الكريم للمواطنين, وتأمين مستلزمات الصناعات التحويلية، من دون أن ننسى ما يؤمنه من مجالات عمل مولدة لفرص تستوعب اليد العاملة الوافدة إلى السوق, وجانب آخر لا تقل أهميته عما ذكر تتعلق بقطاعات النقل والتخزين والتجارة والمال والنقل والسياحة مجالات واسعة وحلقات دعم لنشاطها وزيادة مردودها..
وفي حقيقة الأمر مهما تحدثنا عن حجم الأثر الإيجابي لقطاع الزراعة فإننا نستطيع تحديد البداية، من دون تحديد نهايتها لأنه متداخل في كل القطاعات ومتشابك معها في النتائج لهذا السبب كان الاستهداف المباشر له..
واليوم حتى نعود للأمس القريب لهذا القطاع لابدّ لنا (حكومة وأفراداً) من اتخاذ ما يلزم لتأمين البيئة المناسبة لاستكمال حلقات العودة , علماً أن الحكومة بدأت بخطوات متسارعة لكنها لا ترقى إلى مستوى أهميته بسبب الظروف والوضع الاقتصادي للبلد, العقوبات الاقتصادية الظالمة, لكن ما علينا نحن هو السرعة في إنجاز مسؤوليات الدولة والمجتمع من تنفيذ مشاريع الري, وزيادة الاستفادة من الطاقات المادية والبشرية, والموارد الزراعية المتاحة وذلك من خلال استراتيجية تتبنى الحكومة من خلالها توفير بيئة عمل نستطيع من خلالها الاستفادة من الموارد الطبيعية, والحفاظ عليها من التلوث والتدهور البيئي, ومن ثم توفير بيئة استثمارية مشجعة للعمل الزراعي(حكومي وخاص) وتسمح بتطوير أساليب العمل, وتحقيق تعاون بين القطاعين على قاعدة تكاملية وليست تنافسية..
لكن ما يجري على أرض الواقع إجراءات مازالت خجولة لا ترقى إلى مستوى أهمية القطاع الاقتصادية والاجتماعية, وما نريده ترجمة أكثر فاعلية ومردودية على أرض الواقع..!
Next Post