يونس خلف ـ موقع فينكس
على خلفية ما صرح به مظلوم عبدي بصفته القائد العام لقوات قسد، وبلا مقدمات نسأل:
كيف يريد السيد مظلوم عبدي أن يقوم الجيش العربي السوري بحمايته من المحتل التركي؟
رغم أننا نعلم، كما يعلم الجميع أن رئيس النظام التركي لا يزال يسير على نهجه لاحتلال أجزاء جديدة من الأراضي السورية. وبات واضحاً أن النظام التركي يهدف من وراء هذا الاحتلال لإحياء أوهام عبر إحداث تغيير ديمغرافي فيها وخلق واقع جديد يهدد السلم و الأمن.
لكن اليوم عندما تتعرض بعض الأراضي السورية التي تسيطر عليها قسد لعدوان من قبل النظام التركي ويتم القتل والتدمير والتهجير، لماذا يطلب مظلوم عبدي من الجيش العربي السوري أن يتدخل؟ نعم النظام التركي محتل كما هو المحتل الأميركي، هؤلاء أعداء ولهم أطماع استعمارية ويقومون بنهب ثرواتنا النفطية والزراعية، لكن لماذا سمح لهم بعضنا بذلك؟ ولماذا وضع بعضنا يده بيدهم لننتصر على بعضنا.كان المفروض كما قال السيد الرئيس بشار الأسد في لقاء مع رؤساء المجالس المحلية من جميع المحافظات السورية:
(نحن ننتصر مع بعضنا لا ننتصر على بعضنا، وأي انتصار يكون حصراً على الإرهاب بغض النظر عن جنسيته).
بالعودة إلى ما صرح به السيد مظلوم عبدي فإن الأمر لا يحتاج إلى كثير من التفكير.
هل لو حصل اعتداء أو عدوان على أراضي ضمن السيادة السورية كنا نسمع صوت السيد مظلوم عبدي؟
وهل ينتظر الجيش العربي السوري دعوة من أحد حتى يقوم بواجباته ومهامه الوطنية؟
ولماذا أصبح التدخل الآن ضرورة وطنية ولم يكن كذلك في مرات كثيرة؟
و يمكن أن نسأل هنا على سبيل المثال لا الحصر: ماذا كان يجب أن يفعل الجيش العربي السوري عندما قامت قسد بتنفيذ الحصار على مدينتي الحسكة والقامشلي وإغلاق جميع المداخل المؤدية إليهما؟ و أيضا منع إدخال الطحين إلى مخبز الحسكة الأول؟
وماذا كان على الجيش العربي السوري أن يفعل عندما قامت قسد بنشر مجموعات مسلحة عند المداخل المؤدية إلى مركز المدنيتين، ما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية والمحروقات وخلق أزمة خانقة وخاصة خلال شهر رمضان المبارك؟
ماذا كان يجب على الجيش العربي السوري أن يفعل عندما استولت قسد على عدد من مؤسسات الدولة ونشرت المجموعات المسلحة فيها؟
لماذ لم يطلب السيد مظلوم عبدي من الجيش العربي السوري أن يتدخل لمنع الاحتلال الأمريكي من سرقة ما بين 140 ألف إلى 150 ألف برميل يومياً من حقول النفط السورية الواقعة تحت سيطرة قسد؟ ونعتقد أن السيد مظلوم عبدي يعلم -كما يعلم غيره- بوجود خزانات في منطقة (طراميش) القريبة من نهر دجلة في مدينة المالكية في أقصى شمال شرقي الحسكة، يتم عبرها تهريب النفط المسروق باتجاه الأراضي العراقية، وكميات أخرى تدخل إلى مناطق سيطرة الإرهابيين في الشمال السوري .
نكرر مرة اخرى إن الجيش العربي السوري يعرف مهامه وواجباته ولا ينتظر دعوة من أحد للقيام بها، لكن الدولة السورية وجيشها البطل لم تتخذ بحق قسد أي إجراء، ليس لأنها لا تستطيع، وإنما انطلاقاً من حرصها على عدم إراقة الدم السوري على الأرض السورية، بينما قسد اتخذت طابعاً ممنهجاً منذ عام 2013 عندما بدأت تدخلاتها في مضمون المناهج الدراسية ثمّ صعّدت باتجاه الاستيلاء بالقوة على المدارس وتحويلها إلى مقرات عسكرية وسجون وتهديد الطلاب والأهالي وترهيب الكوادر التدريسية والإدارية مستفيدةً من الدعم الذي تُوفّره لها قوات الاحتلال الأميركي، و عملت على إيقاف التعليم في المدارس وفرض مناهج تعليمية من دون إيلاء أيّ اعتبار لنوعية ومستوى هذه المناهج، و منع تدريس منهاج وزارة التربية حتى في المعاهد الخاصة وملاحقة المدرسين والتوعد بمحاسبتهم في حال تعليمهم المنهاج الحكومي في مناطقهم.
ماذا كان يجب على الجيش العربي السوري أن يفعل عندما استولت قسد بقوة السلاح على 2285 مدرسة لتبقى 179 مدرسة فقط تُديرها مديرية التربيّة في الحسكة لكافة المراحل التعليمية، وهو الأمر الذي يثقل كاهل العملية التعليميّة في هذه المدارس وأدى إلى اكتظاظ القاعات الدراسية.
وأخيرااً: هل كان السيد مظلوم عبدي يعلم قبل الارتهان للامريكان والإستقواء بهم أنه لم يحدث في التاريخ أن الولايات المتحدة الأميركية كانت حارساً لشاة دون أن تفترسها أو تطعمها لأحد.
وهل نسي السيد مظلوم عبدي عندما تركه الأمريكي بيد الوحش التركي وذهبت عفرين ورأس العين وغيرها من المدن والمناطق.
هل نسي أنه لولا تدخل الجيش العربي السوري لامتد زحف المحتل التركي بعد رأس العين إلى باقي المناطق في الحسكة.
لماذا ينسى البعض أو يتناسون أن الدولة السورية كانت دائماً جاهزة لاحتضان كل مواطنيها، والحوار ظل مفتوحاً أمام القوى التي تؤمن بسورية وطناً نهائياً لها وتؤكد ولاءها وانتماءها له.
ولكنهم مستمرون بمنطق انفصالي أو بمنطق أنهم أصبحوا قوة على أرض الواقع تفرض نفسها بفعل الارتهان للأميركي، أما النسيان الكبير فهو أنه لا يحق لأي مكون أن يصادر العقد الاجتماعي ويلغي شكل الدولة ونظامها السياسي، لأن قوة الدولة من قوة شعبها الذي يرفض أن تمس وحدتها ودستورها وسيادتها الوطنية، و لأن مستقبل سورية وشكل الدولة ونظام الحكم فيها لا يقبل الخضوع للأمزجة والحسابات الضيقة، وإنما هو بيد الشعب السوري كما يحدده الدستور وتحميه إرادة الشعب والقوانين الدولية.
ولذلك كان يجب ألا يكون تصريح السيد مظلوم عبدي هو الطلب من الجيش العربي السوري التدخل لمنع المحتل التركي، وإنما المأمول هو تصريح آخر يمكن لمظلوم عبدي أن يستقوي به ويراهن عليه أيضاً مادام الرهان تحت سقف الوطن ومن أجل وحدة تراب الوطن فمن المؤكد سيكون رهانا رابحاً . أما الرهان الخاسر حتما هو الاستمرار بالارتهان للمحتل الأميركي وعدم الاستفادة من دروس التاريخ.