الآن وقد بدأنا نودع إلى حد ما حجم الصدمة الكبيرة من كارثة الزلزال وبعد الاستنفار من المؤسسات والأهالي لا بد من العمل والتأمل .
أما بالنسبة للعمل فلا شك أن الأولوية الأولى هي تأمين السكن الدائم لضحايا الزلزال من خلال إستراتيجية عمل عنوانها التسابق مع الزمن لأن أوضاع المتضررين لا تحتمل أكثر ولن تزول آثار الصدمة وتعود حياتهم إلى ما كانت عليه قبل الزلزال إلا بالاستقرار في مسكن آمن، لكن التأمل يقتضي بداية التذكير بدور القطاع العام الذي لطالما كان هو الضمانة ولعلنا نلاحظ أن السكن الذي شيدته مؤسسات وشركات القطاع العام لم يتعرض للأضرار
ولم تهتز أساساته وجدرانه على حين تعرضت الأبنية التجارية إلى الانهيار.
لقد أثبت القطاع العام عبر عقود طويلة بأنه ضامن للاستقرار في سورية لأنه ليس فقط مؤسسات ومنشآت ومعامل بل هو أيضاً خدمات للمواطنين.. والأمر لا يقتصر على تأمين السكن وبناء السدود وتنفيذ المشاريع الكبيرة، فكلنا يعلم أنه حتى مع ظهور حالات من الاحتكار التي تؤدي إلى رفع الأسعار فإن تقديم مؤسسات الدولة لمواد استهلاكية بأسعار معقولة أدى لحماية المواطن وبالوقت نفسه لتخفيض الأسعار من قبل كل من يفكر بالاحتكار أو استغلال المواطن.
وبالعودة إلى موضوع مؤسسات القطاع العام المعنية بالعمران فقد أحدثت أصلاً لتلبية الاحتياجات الإسكانية وبشكل خاص الإسكان الاجتماعي وتعزيز مفاهيم السكن الاقتصادي والارتقاء بمستوى العمران ونجحت في إعداد وتنفيذ البرامج الإسكانية الموجهة للشرائح ذات الدخل الأدنى وفق الخطط المقررة للدولة وأسهمت في دعم جهود الوحدات الإدارية لتأمين السكن البديل للمنذرين بهدم دورهم ومعالجة المناطق غير المنظمة أو العشوائية أو المراد إعادة تنظيمها.
ثقة المواطن بالقطاع العام كبيرة لأنه كان رائداً ومؤثراً في الحياة الاقتصادية والتنموية واليوم تعتبر كارثة الزلزال مناسبة لتعزيز هذه الثقة بأن القطاع العام هو الضمانة.