الإعـلام التنموي ومسؤولياته الاجتماعية والإنسانية

لينا ديوب:

يكاد لا يخلو مؤتمر أو ورشة عمل، أو بحث، يخص قضية اجتماعية أيا كانت، من توصية أو أكثر، تتعلق بأهمية الاعلام ودوره في خدمة مجمل القضايا الاجتماعية، سواء لجهة خلق سلوك جديد، أو تعديل سلوك قديم، أو بناء قناعات جديدة.

لأن الاعلام هو المؤسس للرأي العام ، والموجه للأحداث والوقائع. (إنه العامل على تشكيل رؤية شمولية تتجاوز التعليق العابر والبسيط، على الوقائع المعزولة وتضخيمها أو تحجيمها حسب الأهواء والأمزجة، إلى بناء وتأسيس نمط من التفكير يسري بين الشرائح الاجتماعية ويوجهه وفق وتيرة يضبط إيقاعها تبطيئا أو تسريعا ). بهذا يتحمل الاعلام مسؤوليته الاجتماعية التي تنطلق من الاهتمام بالشأن الاجتماعي المحلي وتفكيك ظواهره بتحليل متغيراته ، والتي هي بالأساس انعكاس للثقافة والفكر السائدين في المجتمع، التي تستدعي التحقيق في أسبابها وعللها وفق أسس علمية، لا بناء على التكهنات ، بل على تشريح علمي يربط النتائج بالمقدمات، اذ ابسط السلوكيات انما تعود الى علتها الثقافية المحلية ايجابا او سلبا.‏

لكن هل يرافق الادراك والاعتراف بأهمية الاعلام، سياسات اعلامية تترجمه إلى خطة تحرير، تعكس ذلك الاهتمام مبنية لا على التصالحية ولا على العدمية ، بل على ثقافة النقد المستمر للظواهر السلبية التي تريد الحكومة معالجتها، لتحقيق التنمية، والتي لن تتأتى إلا باعتماد الوضوح الاعلامي ، باعتماد خط تحريري يبقي للإعلام دوره التثقيفي، و المبني على رؤية ثقافية جادة وهادفة ، وفية لمبادئها وقناعاتها ، ومساهمة في الكشف عن جميع الظواهر الاجتماعية الايجابية منها والسلبية . لأن السلطة الاعلامية بثورتها الرقمية دون سند ثقافي لن تعمل إلا على ولادة رأي عام زئبقي قابل للتشكل وفق كل القوالب والاشكال، وجاهز للتنفيذ دون أدنى غربلة أو تدقيق .‏

تعمل مديرية الاعلام التنموي، على مشاركة الصحفيين الذين يكتبون في قضايا التنمية المجتمعية، للاطلاع على مجمل القضايا التي تريد معالجتها، فتقيم ورشات العمل التعريفية التي تضيء على تلك القضايا، فنجد ورشات عن ملف السكان، والتعليم والاتجار بالأشخاص، والبيئة، لكن لا يترافق ذلك مع سياسة نشر واضحة، تتعقب تلك الملفات، وتكتب حولها باستمرار، لتتم معالجتها، بحيث تخلق توجهات جديدة حولها، فلو أخذنا على سبيل المثال قضايا التعليم، لتكوين رأي عام مستنير حولها لا نجد النظرة أو المعالجة التكاملية، و تفكيك قضايا التعليم.‏

هنا نعود للسؤال إذا كانت الحكومة تنظر بعين الاهتمام لدور الاعلام في التنمية، وتقر بمسؤوليته الاجتماعية، لم لا تخصص ميزانية كافية لتدريب كادر قادر على تنفيذ سياسة اعلامية واضحة بهذا الخصوص، ثم تتابع ادارات التحرير في الصحف ومحطات الاذاعة والتلفزيون، تنفيذ تلك السياسات، وتأمين مصادر معلومات للمحررين ومعدي البرامج.‏

وبذلك تتحقق سياسة إعلامية وطنية تعمل على طرح جميع القضايا التي تهم جمهور وسائل الاتصال المختلفة في المجتمع بموضوعية علمية وتتناول جميع العناصر المرتبطة بتلك القضايا، لتحقيق مبدأ المصداقية في تناولها، حتى لا يلجأ الناس إلى مصادر أخرى قد تسرب إليه معلومات تزيد من خطورة المواقف أو تغيب من وعيه وتضعه على طريق عدم اليقين بواقعه، ويفقد بذلك المجتمع ركناً هاماً من أركان المسؤولية الاجتماعية للإعلام، وقدرتها في تكوين رأي عام مستنير، يدعم مسيرة التنمية والتقدم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي.‏

اخبار الاتحاد