قال بعضهم: “تركت السبب كذا كذا مرة, فعدت إليه, ثم تركني السبب, فلم أعد إليه “أطلق العنان لخيالك ودع أفكارك تضع الخطوط العريضة للوحة جديدة لم ترها من قبل سترى عالماً متحركاً يتجاوز حدود المساحة البيضاء إلى سماء صاخبة تتداخل فيها الغيوم البيضاء والرمادية، إنها فضاء الفكر، وارسم نافذتين تطلان على عالم الخيال إنهما عينان تخترقان الحواجز ويصل مداهما بالرؤية الى كون واسع يضم حياة كاملة، وازرع أشجارك بين النجوم لتضيء الأرواح الباردة، وارسم درباً واسعاً تعبر على ضفتيه قافلة صغيرة من الغزلان تقفز فوق الحقول تاركة خلفها نجوماً متلألئة. وفي كل فراغ انثر باقة من الورود الملونة بقوس قزح الحب والود والرحمة، واسقِ بذور النفس العطرة لتنبت في القلوب الخضراء قمحاً وياسميناً .
إنه الفكر المبدع الذي لا يتوقف عند حدٍّ معين ولا يحصر نفسه بقالب واحد جامد، وكم نحن بحاجة إليه اليوم وغداً لدفع عملية التطوير قدماً إلى الأمام.. البعض يعتقد أن هذا الفكر المتجدد مرتبط بالسن أي يغلب وجوده عند الشباب وهذا غير دقيق تماماً، فبعض الأشخاص يدخلون سن الشباب وقد تحجرت عقولهم باكراً، والبعض الآخر من كبار السن يفارق الحياة وعقله مازال يضج بالحيوية والتجدد والإبداع، أيضاً نحن بحاجة ماسة إلى النقد البنّاء وهو تماماً بعكس النقد الهدام الذي نراه يغلب في أحيان كثيرة على طروحاتنا لأسباب مختلفة منها ما هو شخصي ومنها ما هو غير ذلك، ولكي نكون بنّائين في نقدنا لابدّ لنا من أن نكون موضوعيين فى تفكيرنا، والموضوعية تتطلب منا أن ننظر إلى أي موضوع من أكثر من زاوية وضمن أكثر من ظرف، وبالتالي نحلله بأكثر من طريقة ونصل من ثم إلى أكثر من احتمال أو على الأقل للاحتمال الأقرب إلى الصحة أو الاحتمال الأفضل، وعلينا الابتعاد عن النقد بهدف استعطاف البعض أو استثارة التصفيق من البعض الآخر أو بهدف الاستفزاز أو الإساءة إلى الآخرين، ففي ذلك هدر للجهود ومضيعة للوقت نحن في غنى عنها وهذا هو جوهر أي إبداع.