يبدو أن تطورات الأحداث الإيجابية في المنطقة والعالم، والانفراج في العديد من ملفاتهما السياسية، مثل الاتفاق السعودي الإيراني، والتقارب العربي مع دمشق، أدخلت جميعها الكيان الإسرائيلي بحالة هستيريا غير مسبوقة، وجعلت حكامه يستنفرون أدواتهم وقوتهم، ويهربون للأمام، كما هي عادة الكيان، إما في العدوان على سورية، وإما عبر تصعيد الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو التحرك في الجولان المحتل تحت أي ذريعة.
كما تأتي الأزمة الداخلية التي يعيشها الكيان، والانقسامات الحادة بين مستوطنيه، من شرقيين وغربيين، وبين هؤلاء وحكامهم، كعامل إضافي آخر، لتؤكد جميعها أن هذا الكيان الغاصب قرر الهروب إلى الأمام وافتعال الأزمات في المنطقة.
إذاً العدوان الإسرائيلي الإرهابي على محيط دمشق صباح اليوم يأتي في سياق هذه الهيستيريا ومحاولة الهروب إلى الأمام، واستكمال النهج الفاشي تجاه شعوب ودول المنطقة، وخصوصاً في هذه المرحلة بالتحديد التي تشهد فيها مستوطناته حالة من التفتت الداخلي غير المسبوق.
ولم يكتف هذا الكيان بالعدوان على سورية، بل حاول تفجير الأوضاع في الجولان السوري المحتل عبر إثارة ما سمّاه توليد الطاقة الكهربائية، وممارسته الإرهاب بحق أهلنا للسيطرة على أراضيهم الزراعية، وتوسيع مستوطناته غير الشرعية.
لكن ما لا يدركه الكيان الإسرائيلي الذي أدمن الإرهاب، والعدوان على الآخرين، أن سياساته الإرهابية هذه سترتد عليه وحده، وأن حكامه أفلسوا على كل الصعد، وفي كل الجبهات، في الميدان الفلسطيني، وفي المنطقة، وأنه يحاول عبثاً إنقاذ مشاريعه الإرهابية في سورية والمنطقة، وأن النفخ برماد الإرهاب لن ينفعه في شيء، وأن محاولاته الخائبة رسم معادلات تخدم مصالحه ومصالح واشنطن من خلفه، لم تعد صالحة في عصر التطورات العالمية المشار إليها، وأفول عهد القطبية الأحادية.
بقي أن نقول: إن المنطقة ستبقى تعيش الفوضى مادام هذا الكيان يعربد في سمائها، ومادام الغرب يحميه، ومادام ما يسمى المجتمع الدولي يتستر على جرائمه، والمنظمات الدولية صامتة حيال إرهابه، ولن تنعم بالسلام والاستقرار إن لم يضع العالم حداً له، وإن لم تحاسبه المحاكم الدولية على جرائمه، وبغير هذا سيبقى يرهب الآخرين، ويدوس على قرارات الشرعية الدولية، ويطوي صفحة القانون الدولي، ويحاول شرعنة قانون الغاب والبلطجة، ولا شيء سواهما.