لا نتجاهل ولا ننسى أننا في ظروف صعبة ونواجه تحديات ونعاني من حصار وعقوبات لكن علينا أن نُقر أن هناك فجوة بين المؤسسات و المواطنين والضرورات المعيشية الملحة تتطلب إغلاق هذه الفجوة فمن حق المواطن أن يسأل لماذا تعجز بعض المؤسسات عن تأمين المواد والسلع الأساسية في حين هي متوفرة لدى أشخاص يتحكمون بالسعر وبالتوزيع وفي الوقت الذي يريدون .؟ ولماذا توقفت مشاريع وخرجت عن دائرة العمل دون أن تتوافر الأسباب التي تبرر ذلك بينما تمكنت مؤسسات أخرى سواء من القطاع العام أو الخاص الاستمرار بالحياة على الأقل.
لا يملك المسؤول عصا سحرية ولا يستطيع صنع المعجزات لمواجهة الانفلات بالأسعار واحتكار المواد وكل التجاوزات التي وصلت إلى مرحلة الجنون دون أن يشعر المواطن أن هناك من يلجم هذا الجنون. لقد تعززت ثقتنا عبر سنوات طويلة بالقطاع العام الذي أثبت بأنه ضامن للاستقرار لأنه ليس فقط مؤسسات ومنشآت ومعامل بل هو أيضاً خدمات للمواطنين وعندما كانت تظهر بعض الحالات من الاحتكار التي تؤدي إلى رفع الأسعار كانت مؤسسات الدولة تتسابق لتقديم مواد استهلاكية بأسعار معقولة تسهم في حماية المواطن وبنفس الوقت تخفيض الأسعار .
الأمر هنا يتعلق بحسن الأداء ومستوى الكفاءات وليس بالإنجازات وحدها وهو أمر مزمن يتلخص بالإختباء وراء شماعة الظروف الصعبة وتداعيات الأزمة لتبرير التقصير لبعض المؤسسات لأن هناك أعمالاً ومهام ممكنة والسبب الوحيد في تراجع الأداء أو توقف العمل هو عدم تحمل المسؤولية وغياب الشعور بهذه المسؤولية . ولذلك نحن بحاجة اليوم إلى تعزيز ثقة المواطن بالقطاع العام لأنه الضمانة الحقيقية ولأن المواطن يستقوي به ويشعر بالأمان . ومن هنا تأتي ضرورات الاهتمام بكوادر القطاع وتحسين معيشتهم والحفاظ عليهم لأن ظاهرة التسرب التي تتسع من خلال طلبات الاستقالة أو التقاعد المبكر أو الهجرة إلى القطاع الخاص باتت تستوجب وقفة للتأمل والتفكير والمعالجة .