بغداد – يونس خلف
احتضنت العاصمة العراقية بدعوة كريمة من نقابة الصحافيين العراقيين يومي 17 و 18 يونيو 2023 أعمال اجتماعات الأمانة العامة والمكتب الدائم للاتحاد العام للصحافيين العرب بمقر نقابة الصحافيين العراقيين برئاسة الأستاذ مؤيد اللامي رئيس الاتحاد و حضور أعضاء الأمانة العامة و أعضاء المكتب الدائم للاتحاد، و شارك في الاجتماعات رئيس لجنة الحريات بالاتحاد و مستشار الاتحاد. وتضمن جدول أعمال الاجتماعات قضايا تنظيمية و أخرى مهنية و سياسية.
وفي بداية الأعمال عبر المشاركون في الاجتماعات عن اعتزازهم الكبير بمشاركتهم زملائهم الصحافيين و الصحافيات العراقيين احتفالات عيد الصحافة العراقية الذي يخلد لمرور 154 سنة لصدور أول صحيفة عراقية. وعبر الحاضرون بهذه المناسبة عن اعتزازهم الكبير بتاريخ الصحافة العراقية و بما ساهمت به من أعمال جليلة، و بما قدمه الصحافيون والصحافيات العراقيون من تضحيات جسيمة كان لها الفضل الكبير في أن حافظت العراق على وحدتها وقوتها وتطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، حيث نجح الإعلام العراقي في كسب رهان تدبير التعدد والاختلاف والتنوع في إطار الوحدة. و أنجب رواداً في الإعلام العربي من رجال ونساء كانت لهم أدوار رائدة في نهضة الصحافة والأدب في الوطن العربي. وعبر المشاركون في الاجتماعات عن تقديرهم الكبير والبالغ لتضحيات الصحافيات والصحافيين العراقيين في مواجهة العصابات الإرهابية الإجرامية، ويقف بهذه المناسبة بكل تقدير وإجلال أمام أرواح الشهداء الأبطال الذين طالتهم أيادي الغدر الإرهابية خلال معركة التحرير.
وعبّر الاتحاد العام للصحافيين العرب بكل اعتزاز أيضاً للشعب العراقي البطل و لجميع أفراد قواته البطولات العظيمة التي ساهمت في كسر شوكة الإرهابيين وتحرير أراضي العراق الطاهرة من فلول الإرهابيين التي كانت ولا تزال تمثل خطراً حقيقياً على جميع الشعوب العربية والإسلامية. كما يعبر عن عظيم امتنانه لنقابة الصحافيين العراقيين التي مثلت على الدوام بيت جميع الصحافيين والصحافيات العراقيين، و حصنا للدفاع على حرية الصحافة والتعبير وكرامة الصحافيين والصحافيات.
من جهة أخرى استذكر الاتحاد العام للصحافيين العرب من خلال اجتماعات أمانته العامة ومكتبه الدائم بالظروف العصيبة والصعبة التي يجتازها الوطن العربي، حيث يتأكد مع مرور الوقت فشل جميع مشاريع الوحدة والإصلاح السياسي والتطور الاقتصادي والاجتماعي. وهكذا فإن الاحتلال الصهيوني يواصل اقتراف جرائمه الإرهابية في حق الشعب الفلسطيني البطل بمباركة صريحة من المجتمع الدولي. وفي هذا السياق يذكر الاتحاد بالذكرى الأولى لاستشهاد الزميلة الصحافية البطلة شيرين أو عاقلة، حيث بعد مرور سنة كاملة عن اقتراف هذه الجريمة النكراء، وبعد تأكد هوية الجاني الإرهابي الذي هو قوات الاحتلال الصهيوني، وبعد استيفاء جميع مراحل ملاحقة الجاني وترتيب الجزاء عن هذه الجريمة، فإن محكمة الجنائية الدولية لا تزال تتلكأ في تفعيل إجراءات الملاحقة القضائية ضد الجناة و ترتيب الجزاء عن هذه الجريمة النكراء. وجدد الاتحاد العام للصحافيين العرب إدانته الصريحة لهذه الجريمة، وحمل المجتمع الدولي مسؤولية هذا التلكؤ الذي يفرغ العدالة الدولية من محتواها ويجردها من أية مصداقية. ودعا الاتحاد العام للصحافيين العرب في هذا الصدد إلى تنظيم حملة عربية ودولية للضغط على المحكمة الجنائية الدولية بهدف تسريع إجراءات مقاضاة الجناة. كما جدد الاتحاد تضامنه المطلق مع الزملاء الصحافيين والصحافيات الفلسطينيين بقيادة ممثلهم نقابة الصحافيين الفلسطينيين في نضالاتهم البطولية ضد الاحتلال الصهيوني. وجدد الاتحاد العام للصحافيين العرب رفضه المطلق لجميع مظاهر التطبيع مع العدو الصهيوني، خصوصا التطبيع الإعلامي و أكد في هذا الصدد بمقتضيات قوانين الاتحاد التي تحظر على جميع أعضاء الاتحاد ممارسة أي شكلٍ من أشكال التطبيع مع هذا العدو.
وفي مواجهة الهجمة العنيفة التي تتعرض لها جميع البلدان العربية يواصل الإصلاح السياسي الشامل في الوطن العربي جموده، ويسجل الاتحاد التراجع المتواصل للحريات العامة في بلداننا العربية خصوصا حرية الصحافة والتعبير والنشر المطوقة بقوانين زاجرة ومتخلفة وخانقة للحرية وللاستقلالية والمهنية، ونبه الاتحاد العام للصحافيين العرب إلى أن مواجهة الأخطار الخارجية والتصدي إليها يستوجب تقوية الجبهات الداخلية وحشد الإمكانيات الوطنية والقومية، حيث يجب أن تقوم وسائل الإعلام العربية بأدوار طلائعية لكسب هذا الرهان، لأنها كفيلة بفسح المجال أمام النقاشات العمومية المثمرة للأفكار والبدائل في إطار التعدد والاختلاف والتنوع بما يجذر الوحدة.
كما إن الاتحاد ينبه إلى الخطورة البالغة التي يكتسيها مسار تكثيف الصراعات والنزاعات والمواجهات المسلحة في بعض الأقطار العربية، خصوصا في السودان الذي انتقل إلى مستوى المواجهات المسلحة بين الفرقاء السياسيين والعسكريين. والاتحاد العام للصحافيين العرب إذ يطالب بإلحاح بالوقف الفوري للاقتتال الداخلي والعودة إلى الحوار كأسلوب حضاري لإدارة و تدبير الاختلاف، فإنه ينبه إلى الخطورة البالغة التي يكتسيها استهداف الزملاء الصحافيين والصحافيات السودانيين، و يدعو إلى توفير جميع الضمانات الكفيلة بحمايتهم و توفير شروط أداء واجباتهم المهنية، بما يكفل حق الشعب السوداني في الإخبار والإعلام. ويؤكد الاتحاد حرصه الشديد على وحدة الدولة السودانية. كما يعبر الاتحاد عن تضامنه المطلق مع الزملاء والزميلات في اليمن في مواجهة جميع أشكال الاستهداف التي يتعرضون لها من طرف أطراف النزاع السياسي. وعبر الاتحاد عن ارتياحه بعودة سورية إلى بيتها العربي في جامعة الدول العربية، وأكد أنه يتطلع إلى أن تمثل هذه العودة بداية مرحلة جديدة في الأزمة السياسية في إطار استقلالية القرار السوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية. و عبر بهذه المناسبة عن تضامنه المطلق مع الزملاء الصحافيين والصحافيات السوريين.
ومن جهة أخرى جدد الاتحاد تأكيده على حق الشعب المغربي في وحدته الترابية في مواجهة أطماع التجزيء والانفصال، و يؤكد مرة أن مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية المغربية يمثل التسوية السياسية الملائمة لهذا النزاع المفتعل. وعبر الاتحاد عن تضامنه المطلق مع الزملاء الصحافيين التونسيين ومع باقي الصحافيين العرب الموقوفين على خلفية قضايا النشر والرأي، و يطالب الحكومات العربية بتنبني قوانين صحافة غير زجرية تضمن الحريات وحق النفاذ إلى المعلومة .
وعلى المستوى المهني يذكر الاتحاد بالرهانات و التحديات الخطيرة التي تواجه الصحافة العربية بجميع أنواعها، حيث تزداد الأزمة استفحالا دون مواجهتها بأية حلول ولا برامج إصلاح .فالصحافة الورقية في البلدان العربية تواجه أزمة غير مسبوقة على الإطلاق تهدد مصيرها ومستقبلها أمام زحف وسائل الإعلام البديل. وأن الاتحاد يذكر بأن الإعلام في البلدان العربية لا يقل أهمية عن قضايا التعليم والصحة والتنمية بصفة عامة، و أن الإبقاء على حالة استفحال الأزمة في هذا القطاع يهدد مستقبل البلدان العربية برمتها. ويسجل الاتحاد باستغراب شديد مساهمة الحكومات العربية نفسها في تكثيف وتجذير هذه الأزمة بالخنق المالي من خلال تفضيل منح الإشهار والإعلان لشبكات التواصل الاجتماعي المملوكة لقوى أجنبية. وبالنظر إلى الأهمية البالغة لمستقبل الصحافة الورقية، فإن المكتب الدائم للاتحاد العام يوصي الأمانة العامة بإطلاق برامج من تنظيم مؤتمرات وإنجاز دراسات، وإجراء اتصالات مع الجهات المعنية في البلدان العربية للتصدي للأزمة وتوفير الحلول والبدائل الكفيلة بمعالجة هذه الأزمة، أو على الأقل التخفيف من تداعياتها.
وأكد الاتحاد العام للصحافيين العرب أن التحديات التي تطرحها التطورات الهائلة الحاصلة في قطاع الإعلام والتواصل بصفة عامة تزيد من حدة التداعيات على أوضاع الصحافة في البلدان العربية. والاتحاد العام للصحافيين العرب يؤكد أنه لا مجال لمواجهة هذه التحديات الراهنة إلا بتقوية وسائل الإعلام العربية، ولذلك يجب استثمار التطور المتعلق بالذكاء الاصطناعي في جوانبه الإيجابية وذلك بما يحفظ حقوق المجتمعات والأفراد والجماعات.
وفيما يتعلق بالجوانب التنظيمية، فقد قرر الاتحاد دعوة النقابات والاتحادات والهيئات والجمعيات العربية الأعضاء في الاتحاد بضرورة انتداب ممثليهم في اللجان الوظيفية التابعة للاتحاد وتفعيلها بما يضمن تحقيق برامج الاتحاد، كما يدعو لجنة السياسة الإستراتيجية للاتحاد التي قرر المؤتمر الأخير للاتحاد إنشاءها إلى الاجتماع في الأمد القريب مع دعوة من تراه من أعضاء الاتحاد مفيدا للحضور في اجتماعاتها.
وحرص المشاركون في هذه الاجتماعات على تقديم عبارات الشكر والامتنان لنقابة الصحافيين العراقيين على كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي حظوا به خلال إقامتهم في العراق الشقيق، كما عبروا عن تقديرهم العالي بما جاء بكلمة السيد رئيس الوزراء العراقي المهندس محمد شياع السوداني التي جاء فيها من قرارات مهمة لتسهيل العمل الصحفي بقيادة نقابة الصحفيين العراقيين، واعتبر فيها الصحفيين شركاء للحكومة لمحاربة الفساد والفشل، مثمنا دورهم الواعي والكبير في حملة الأعمار والبناء التي يشهدها العراق.