كما هو الحال في منع الجمع بين نون النسوة وتاء التأنيث عند الحديث عن الغائبات ، فإن واقع حال المرأة يأتي انعكاساً لمرآة مجتمعها ، رغم الصورة الجميلة التي تعكسها لها مرآة مجتمعنا والتي ترسخت في مخيلتنا عبر مراحل نضالية أو ربما مفصلية لحياة المرأة السورية غير أن هذه المرآة على ما أظن انخدشت أو ربما تصدعت بفعل تقادم الزمن فأصبح انعكاسها مشوهاً في أغلب الأحيان .
فالمرأة التي تخطت الفقر والأمية ، الاحتلال والاستعمار ، الارهاب والظلم ورسمت أبهى صورها في مراكز صنع القرار وفي كافة مناحي الحياة الأخرى نجدها اليوم ضعيفة مكبلة بقيود المجتمع وقوانينه عاجزة عن تحقيق أدنى طموحاتها بحياة مستقرة أو ربما نجدها تلك المهمشة المنسية الغائبة أو المغيبة قسراً التي تعاني الظلم والعنف الأسري والاجتماعي .
الشعارات الرنانة التي تقال في المناسبات كعيد المرأة العالمي الذي لم يمض عليه أسابيع أو عيد الأم اليوم نجدها مفرغة من محتواها عند النظر لواقع الحال وما خلفته الحرب الارهابية على المجتمع بشكل عام وعلى المرأة السورية بشكل خاص وما عانته من آلام الفقد والتهجير وانعدام الأمان والفقر والتعرض للعنف الجسدي والنفسي وما إلى ذلك … الخ فهل تشفي تلك الشعارات آلامها وترمم جراحها وتعطيها الأمان والاستقرار في أسرتها ومحيطها ؟ !
هل تغير نظرة المجتمع عنها عندما تعمل كخادمة في المنازل أو كبائعة للخبز أو الخضار أو … أو .. وتجنبها التحرش وتبعد عنها الفقر والعوز .
وهل تغير تلك الشعارات فكرة زواج القاصرات أو بيعهن بالأحرى للتخلص من مصروفهن ؟؟
أو بمفهوم آخر حرمان المرأة من اتمام تعليمها واختيار شريك حياتها بل وممارسة العنف عليها سواء في أسرتها أو في بيت زوجها والأمثلة تطول لحالات العنف الواقعة على المرأة والتي في بعض الأحيان قد أودت بحياتها .
لقد آن الأوان أن ننتقل من الشعارات التي تصدح بدون آذن صاغية لها إلى اقتران القول بالفعل وتطبيق القوانين واستدراك ما يمكن استدراكه لاحقاً .
لا للشعارات الرنانة لا لموجات الاهتمام الموسمي بالعنف الأسري ضد المرأة الذي يأتي تلبية لمناسبة معينة وينقضي بانقضائها . نحن بأمس الحاجة اليوم لاتخاذ الاجراءات اللازمة للوقوف بجانب المرأة في كافة مناحي حياتها تلك التي طالبنا المساواة بها مع الرجل تحتاج اليوم من يحميها منه ومن المجتمع ككل .
إن التوقف عن ظلم المرأة في تصرفاتنا وأفعالنا اليومية أكثر فعالية من الخطابات الرنانة وعلى من يدعي الاهتمام بتغيير واقع المرأة البدء بنفسه والعمل على صون حقوقها في تعامله معها وهو أمر نحتاجه بإلحاح بيننا كمواطنين باختلاف نوعنا الاجتماعي، وأن نسعى لأن نكون جزء من عملية التغيير السياسي والحقوقي والاجتماعي لا حجر عثرة في طريقها فإحداث التغيير والسير نحو حالة مواطنة حقيقية ينعكس على الجميع بما فيهم المرأة.