الجولان السوري المحتل-سانا
“أنتم قتلة.. ارحلوا من هنا.. أوقفوا الحرب”… صرخة مدوية رددها أهلنا في الجولان السوري المحتل بوجه بتسلئيل سموتريتش، وعدد من وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحراسهم، وهم يطردونهم من موقع المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في الملعب البلدي بمجدل شمس المحتلة، وراح ضحيتها 12 شهيداً من الأطفال وعشرات الجرحى.
لاعبون كانوا يتنافسون في مباراة بكرة القدم، وآخرون يحضرونها لتشجيعهم، وكل منهم ينتظر فوز فريقه، لكن أحد صواريخ الاحتلال الاعتراضية حوّل المباراة إلى مجزرة، والفرحة المنتظرة تحولت حزناً وفجيعة.
صرخة تردد صداها في العالم أجمع واضحاً كالشمس أن المجرم القاتل هو الاحتلال، مهما ساق من أكاذيب وادعاءات لتحميل المقاومة اللبنانية المسؤولية فهو من ارتكب ولا يزال آلاف المجازر في قطاع غزة وكل فلسطين المحتلة، والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف بين شهيد وجريح، لذلك فإن أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة لم ولن تنطلي على أحد، وخاصة أهلنا في الجولان.
مجزرة مجدل شمس نقطة في بحر جرائم الكيان وانتهاكاته في الجولان منذ احتلاله عام 1967، حيث دمر 131 بلدة وقرية، و112 مزرعة، وارتكب أبشع المجازر بحق أهلها وهجرهم منها، لينخفض عددهم من 153 ألفاً، وفق إحصاء عام 1966 إلى 22 ألفاً في نهاية عام 2022.
ولم يكتف الاحتلال بتهجير معظم أهالي الجولان، بل يستمر بالتضييق على من لم يتمكن من تهجيره منهم بشتى الوسائل، حيث استولى على مساحات كبيرة من أراضيهم، وأقام عليها مستوطنات أسكن فيها من جلبهم من شتى أصقاع الأرض، ومنذ مطلع عام 2019 استولى على آلاف الدونمات لإقامة توربينات هوائية بذريعة توليد الكهرباء من طاقة الرياح، في حين إنها في حقيقتها مشروع استيطاني تهويدي، لاستكمال ما بدأه في عام 1967، رغم إصدار الأمم المتحدة قرارات عدة تؤكد أن إجراءات الاحتلال في الجولان باطلة ولاغية ولا أثر قانونياً لها.
يضاف إلى هذه الانتهاكات نهب الاحتلال موارد الجولان الطبيعية، وفي مقدمتها المياه الجوفية ومياه بحيرتي طبريا ومسعدة، وإقامة السدود على الوديان والمسيلات المائية الغزيرة وحرمان أبناء الجولان منها، إضافة إلى حرق مئات الدونمات من الأراضي الزراعية واقتطاع مساحات واسعة وتسييجها لأغراض عسكرية، وجرف التربة ودفن عشرات الأطنان من النفايات الكيميائية والنووية في مكبات غير مناسبة، تنجم عنها مخلفات ومعضلات خطيرة جدا تلحق الضرر بالإنسان والبيئة والغطاء النباتي والرعوي، وهو ما أكدته تقارير لمنظمات حماية البيئة الدولية أن الاحتلال دفن جزءاً كبيراً من نفاياته النووية في شمال الجولان المحتل وعلى طول خط الرابع من حزيران لعام 1967.
سورية التي تشدد على الدوام أن الجولان جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأنها تعمل على إعادته كاملاً بجميع الوسائل التي يكفلها القانون الدولي، باعتباره حقاً أبدياً لا يسقط بالتقادم، أكدت أن اقتراف الاحتلال جريمته البشعة في مجدل شمس يأتي في إطار محاولاته لتصعيد الأوضاع في المنطقة، وتوسيع دائرة عدوانه عليها، محملة الكيان العنصري المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطير للوضع في المنطقة.
يدفن أهالي الجولان شهداءهم وهم أكثر إصراراً على التمسك بأرضهم، ومواصلة نضالهم بمواجهة الآلة العسكرية للكيان الصهيوني العنصري الذي لن تتمكن كل ممارساته القمعية وإجراءاته التعسفية من النيل من صمودهم وثباتهم، فلا مساومة على الأرض ولا على دماء الشهداء، ولن يُسمح للاحتلال بالمتاجرة بها واتخاذها ذريعة لتوسيع حربه واعتداءاته، وستبقى دماء شهداء الجولان وفلسطين نبراساً يضيء الطريق لتحرير الأرض، واستعادة الحقوق ودحر الاحتلال.