مؤسسة موج التنموية ومشروع ( نحو إعلام مسؤول مجتمعيا) يونس خلف

على الرغم من أهميته لم يصبح الرصد الإعلامي ممارسة معتادة وليس هناك ثمة جهة تتوقف عند مسألة التقويم والمراجعة وتشخيص نقاط القوة و تقديم الأفكار والمبادرات التي تسهم في تطوير الأداء والارتقاء به إلى المستوى المأمول . ومن هنا تأتي أهمية الخطوة التي قامت بها مؤسسة موج بتبنيها لمشروع نحو إعلام مسؤول مجتمعيا الذي يهدف إلى تعزيز المسؤولية المجتمعية للإعلام عبر خطاب متوازن ومهني من جهة  وتفعيل التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية من جهة أخرى . وثمة فعاليات قامت بها المؤسسة تتعلق  بحماية حقوق الصحفيين و بالأخطار والتحديات التي تواجههم وإطلاق تقرير بحثي بعنوان جانب من المشهد الإعلامي في سورية ( استطلاع لواقع وسائل الإعلام واحتياجات الإعلاميين ) وأيضاً حملة إعلامية على موقع موج الالكتروني بهدف رفع وعي الجمهور بمفاهيم المسؤولية المجتمعية للإعلام .  وبالنظر إلى الجلسة الحوارية التي أقامتها المؤسسة حول تغطية الإعلام السوري لكارثة الزلزال في السادس من شباط 2023 وإلى أي مبادرة من هذا النوع هناك  مجموعة من الملاحظات  والتحديات التي تواجه حاملي هذه المشاريع في مجال الإعلام وهي بطبيعة الحال لا تقلل من شأن فكرة المشروع وأهدافه وأثره ولعلّ أبرز هذه التحديات منهجية العمل والخيار الصائب لآليات تنفيذه بحيث يعكس الواقع على حقيقته .

والضرورة تقتضي هنا التذكير بأن الإمساك بمفاتيح النجاح الرئيسية للرصد الإعلامي الحقيقي عندما يعتمد على تحليل مجموعة متنوعة من المنصات الإعلامية الأكثر انتشاراً وتأثيراً  من أجل تحديد الاتجاهات التي يمكن استخدامها لمجموعة متنوعة من الأسباب سواء كانت لكوارث أو سياسية أو تجارية أو اجتماعية التركيز في تصديها لهذا النوع من المشاريع الإعلامية بطريقة منهجية . ولن ندخل هنا في تفاصيل الجلسة الحوارية التي أقامتها مؤسسة موج التنموية حول تغطية الإعلام السوري لكارثة الزلزال  فالجلسة الحوارية  بحد ذاتها كانت منبراً للحوار حول واقع الإعلام السوري ولم تقتصر على واقعة الزلزال فقط وهذا ما تحتاجه مؤسساتنا الإعلامية والوسط الإعلامي بصورة عامه لأن مثل هذه الجلسات الحوارية هي مختبرات تحليلية لتشخيص واقع الحال ولذلك هي مناسبة ليس لتوصيف ما جاء في الجلسة وإنما استكمالاً للفكرة المطروحة والموضوع الذي تصدت له موج يمكن الإضاءة والتذكير هنا ببعض القضايا ذات الصلة بالتغطية الإعلامية سواء للزلزال أو ما يتصل بعناوين أخرى مثل الانتخابات والاستحقاقات وقضايا المجتمع ورجع الصدى لدى المواطن .. المهم أن العنوان الغائب عن الرصد في الحياة الإعلامية  هو : كيف تعامل الإعلام السوري مع الانتخابات مثلاً  ومع الزلزال .؟ ومع قضايا المواطنين .؟ ومع حرية الرأي والتعبير .؟  … لماذا تغيب وحدة القياس ولماذا لا نتوقف عند مستوى الأداء وتأثيره ، ماذا أنجزنا وماذا حققنا وأين أخفقنا .؟ ولذلك قلت في البداية أن القيمة المضافة للجلسة الحوارية كانت الدعوة للحوار إضافة إلى وقائعه التي اتسمت بالغنى والشفافية  .   وبالعودة إلى التغطية الإعلامية لأي حدث كان فإن المواطن لا ينتظر فقط الخبر  بل هو في حاجة إلى دقة الخبر في وقت تنتشر فيه الإشاعات والمعلومات المغلوطة والتشخيص يتطلب وضع الأداء تحت مجهر الحقيقة  ورصد الايجابيات والسلبيات فعلى سبيل المثال جملة أخطاء وقعت خلال تغطية الإعلام لحدث الزلزال أسبابها متعددة منها غياب التجربة لأن عدداً من الإعلاميين ليست لديهم تجارب ميدانية فهم يذهبون من مكاتبهم  إلى مسرح الأحداث مباشرة  في حين ( وقد قلت ذلك في الجلسة الحوارية وأكرره هنا ) أنه في الملمات والشدائد يظهر الإعلام الحقيقي المبني على المهنية  فحتى لو ارتكب أخطاء يعود إلى أصله المهني .    بالعموم خطوة متقدمة لمؤسسة موج التنموية  إطلاق الحوار حول قضايا الإعلام والناس و المأمول أن تتبعها خطوات أخرى بمنهجية عمل مختلفة تضمن المخرجات الحقيقية لأي حوار ويكون الإطار المنهجي فيها واضحاً .

اخبار الاتحاد