رغم إدراكها أن الوطن أغلى ما في الوجود ويرخص له الغالي والنفيس لم تستطع والدة الشهيد فراس إسبر (جانيت درغام) إخفاء غصتها المملوءة بالدموع لفراق ابنها البكر الذي استشهد منذ نحو ثماني سنوات أثناء تصديه للإرهابيين في حي جوبر بدمشق واستقبلته شهيداً مؤكدة أن عيد الشهداء ذكرى خالدة في قلبها.
الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر بهذه العبارة بدأت أم الشهيد فراس حديثها بعد الترحم على أرواح شهداء سورية وقالت لمندوبة سانا: “ابني كان بطلاً وينفذ جميع المهام الموكلة إليه بنجاح” مشيرة إلى أنه نال عدداً من الأوسمة لكن المنية جاءت مبكراً وأخذته إلى مكان أعلى وأفضل وروحه الطاهرة ارتقت إلى جنان الخلد.
وتتذكر الأم ليلة استشهاد ابنها بالقول: إن تاريخ 13-3-2013 لا يمكن أن تنساه فبعد غياب خمسة أيام جاءها اتصال من رقم غير معروف وطلب منها التحدث مع والد فراس أو أخوه، رفض المتصل إخبارها في البداية وعلى الفور اتصلت بابنها الأصغر وطلبت منه إعادة الاتصال بالمتصل بها.
تضيف: “شعرت حينها أن النار تشتعل في قلبي وفعلا بعد الاتصال تم إعلام ابني الأصغر باستشهاد فراس وهو يقوم بمهمته” مشيرة إلى أن روح ولدها الطاهرة لا تفارقها وأعطتها القوة لاستكمال حياتها بجانب أولاده وإلى أن تضحيات الشهداء هي من حمى الوطن.
رحل السند لها في هذه الحياة بهذه العبارة بدأت رشا اسبر ابنة الشهيد فراس حديثها وبوجه يملؤه التفاؤل بالمستقبل أكدت فخرها بشهادة والدها وستعمل بجد واجتهاد حتى تحقق أحلامه مبينة أنها كانت في الصف السابع عندما استشهد والدها وهي الآن تخرجت من المعهد السياحي لكن طموحها لا يقف عند هذا بل حلمها يكمن في دخول الكلية العسكرية للبنات للاستمرار على نهج والدها.
سوار عصيفوري زوجة الشهيد الملازم شرف محمد درغام حيدر الذي استشهد عام 2012 أثناء القيام بواجبه الوطني في مواجهة الإرهاب بمنطقة الحجر الأسود قالت: “آخر حديث معه كان للاطمئنان عليه ومعرفة الوقت الذي سيعود فيه للبيت وأخبرها أنه بخير وسيعود في اليوم التالي” وفي الليل استيقظت وعاودت الاتصال به وسألته عن مكانه فرفض الإفصاح عنه وتحدث مع ابنته الصغيرة هيا وأوصاها بوالدتها، وفي اليوم التالي موعد قدومه تلقت خبر إصابته ونقله إلى المشفى ليفارق الحياة بعد ساعات.
وبينت سوار أن شهادة زوجها في البداية كسرتها لكنها استعادت قوتها لتتمكن من تربية ولديها وتحقيق الحلم الذي رسمه لهما والدهما.
سوار التي تعرضت للخطف أكثر من مرة وللموت أثناء استهداف الهيئة العامة للاستثمار بتفجير إرهابي أكدت أنها ستتابع مسيرة زوجها وتعمل على تحقيق أحلام ولديها ليكونوا أطباء.
الجد والاجتهاد هو السبيل لتحقيق الأحلام هذه كانت العبارة الأهم أثناء التحدث مع ابنه وابنته، هذا ما أكده ابن الشهيد محمد حيدر الذي قال: “إنه سيكون بمستوى المسؤولية ولن يتهاون في دراسته وسيحقق حلم والده في أن يكون طبيباً ومتابعة مسيرته في العناية بأمه التي ضحت بكل شيء من أجلهما فيما عبرت هيا ابنة الشهيد عن فخرها بشهادة والدها الذي ضحى بروحه فداء للوطن وقالت إنها “ستكون كما أراد لها والدها”.