رعاة الإرهاب وعنق الزجاجة..!!

علـي قـاسـم:الثورة

لم تعد الأحداث والتطورات المتلاحقة وحدها التي تتدحرج على بساط منزلق يضيق باللاهثين للحاق بما تفرضه من إيقاع وسط بقع السراب المترامية، بل أيضا المواقف التي لا تثبت على حال،

ولا تكاد تطلق بعضاً منها حتى تتدحرج البقية المتبقية في سباق مع الزمن، بحيث توقظ الكثير من الأسئلة المحظورة التي كانت حتى وقت قريب من المحرمات في السياسة والإعلام على حد سواء.‏

فالتناحر الخليجي وما يبنى عليه من مواقف وتحليلات واستنتاجات ليس الأول من نوعه، وليست المرة الأولى التي تطفو الخلافات وتصل مستوى قطع العلاقات الدبلوماسية، لكنّ هذا التناحر قد يشكل السابقة الأخطر في فتح أوراق منسية والتجرؤ لأول مرة بالعودة إلى الدفاتر القديمة لشد أزر المتحاربين والمتصارعين على حلبة الإرهاب التي تضيق برعاته وتغص بالطامحين منهم ليكونوا مرجعيته الوحيدة في التمويل والتوجيه والحماية، وصولاً إلى انتزاع الوكالة الحصرية أميركيا وإسرائيلياً.‏

يقابلها في المشهد الإقليمي والدولي تدحرجاً موازياً ميدانياً وسياسياً، وحتى دبلوماسياً بحيث يقوى «عود» الأمم المتحدة ويشتد «عضدها» وهي تتحدث عن العدوان الأميركي وتحالفاته التي أدت حسب الأمم المتحدة إلى نزوح- أو كما سمته لأول مرة ترحيلاً قسرياً- لما يقارب المائة والستين ألفاً ومقتل المئات وربما الآلاف من المدنيين نتيجة تلك الضربات، التي تأتي من خارج الشرعية الدولية ومن دون تفويض أممي، وكأن عدوى رفع منسوب الصراحة الإعلامية والسياسية وصلت منابر المنظمة الدولية، بما يعنيه ذلك من تدحرج في مواقفها التي تسابق الزمن أيضا وعلى المستوى ذاته.‏

القراءة الممكنة لتلك المواقف هي أيضاً في وضع يتدحرج مع كل تطور على الأرض، حيث ما كان خطاً أحمر لأميركا منذ أيام بات معلوماً أو أخذت علماً بذلك حسب التوصيف الأميركي..!! وما كان مستحيلاً أو شبهه في العلوم العسكرية بات اليوم ممكناً ومتاحاً في معركة البادية التي يخوضها أبطال الجيش العربي السوري وحلفاؤه وهي معركة قد تكون الأكثر إتقاناً سياسياً وتكتيكياً وعسكرياً وفي ظروف تبدو حتى اللحظة الأصعب في تاريخ المعارك المعروفة، حيث التسليم بنتائجها ليس سياسياً ولا دبلوماسياً فقط وإنما جاء نتيجة تطور ميداني فرضته وقائع الأرض، ليعود الأردن إلى استجداء الحديث عن المعابر الحدودية بعد أن كان الأكثر رهاناً واستثماراً وحتى تعويلاً على المنتج الإرهابي بنسخه المتعددة، وصولاً إلى تراجعه عن استعراض مهاراته الوظيفية ولعق ماتفوه به عن أمنه ولو اقتضى ذلك في العمق السوري..!!‏

وعليه فإن كل ما أنتجته الغرف الاستخباراتية والأقبية السرية والاجتماعات المغلقة بات خارج بساط التداول ويتم سحبه تباعاً، فيما الإحداثيات التي كانت نقاط العلام المعتمدة في الاستراتيجيات والخطط تحولت إلى مجرد أوراق تحتفظ بها الكثير من الدول والقوى والأطراف من باب الذكرى السياسية، وبعضها على الأقل يحاول أن يعلن توبته مما ورد فيها، أو براءته مما سبق له أن ترك بصماته على أغلفتها وحتى صفحاتها، التي مزقتها وأتلفتها المعادلات الناشئة بشكل يغاير أو يناقض إلى حد الإلغاء كل ما سبق أن توهمه البعض، أو راهن عليه البعض الآخر، أو حاول الاستثمار فيه وظيفياً ووجودياً.‏

فالسياقات الجديدة التي أنتجتها حالة الانزلاق في التناحر الخليجي أوصلت رعاة الإرهاب إلى عنق الزجاجة بعد أن كشفت عن الأوراق المستورة سواء كانت اتهاماً أم دفاعاً، حيث ما ينزلق من بين أسطر الاتهامات لا يقلّ في خطورته عمّا يندلق من مرافعات الدفاع أو رد الاتهام، فيما تبدو حالة الاصطفاف السياسي تتأرجح بين من يعّول على حلّ سريع ومن يراهن على حصيلة تساوي العدم مهما تكن النتيجة، لأن حلبة الإرهاب ترتج تحت رعاته وما يماط اللثام عنه من أدوار متفق عليها لا يضيف إلى كفة المتناحرين أوراقاً يمكن التعويل عليها، ولا يوفر لهم عوامل قوة يمكن أن تعدل في ميزان المواجهة المفتوحة بإدارة أميركية مباشرة وتوافق إسرائيلي مستمر ومتواصل.‏

الثابت في كل ما هو متحول كانت وستبقى الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري، وتصميمه مع الحلفاء على خوض المعركة حتى دحر الإرهاب، بغض النظر عن المواقف المتدحرجة والتي تبقى خارج سياق التأثير على ما يتحقق، وبعيدة كل البعد عن الدخول في مفردة المعادلة التي ترسخها إرادة السوريين وحلفائهم في فرض الإيقاع ليكون متوافقاً ومتسقاً مع خرائط تخطها أقدام الجيش العربي السوري وتحبرها انتصاراته.. والقادم منها سيسدل الستار على حقبة.. ويدشن أخرى لا مكان فيها لمراهنة او تعويل إلا على ماتقوله خطوات السوريين وجيشهم ومن يقف معهم من الحلفاء والأصدقاء، في معادلة لا تقبل التأويل ولا تحتمل التفسير المزدوج، ولا تأخذ بكذبة التوافقات الإقليمية أو الدولية، ولا تخضع لأمزجة التحليلات والاستنتاجات المتسرعة والسطحية سواء كانت هنا أم جاءت من هناك…!!‏

 

اخبار الاتحاد