استوقفني مطولاً ما قاله كاتب عربي في مقال تحت عنوان : هل في منزلنا ضيوف أم معاقين . مع كل التحفظ على كلمة معاقين التي تطرق لها الكاتب في العنوان فمن غير المنطقي إدراج هذه الكلمة من وجهة نظري الخاصة على اعتبار أننا وصلنا إلى مفاهيم أرقى لوصف ذوي الاحتياجات الخاصة بالمعاقين مع العلم أن موضوع المقال بعيد كل البعد عن ذلك . حيث ألقى الكاتب الضوء على ما يقوم به أبنائنا من الصباح إلى المساء أي الروتين اليومي لهم والتي وصفها بأنها أولى مراحل صناعة المعاق في المنزل من ترك السرير بعد الاستيقاظ بدون ترتيب إلى بعثرة الملابس في أرجاء الغرفة إلى انتظار الطعام ليقدم لهم جاهزاً وهم يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي أو أحد المسلسلات الجديدة وغيرها إلى الغضب و ردات الفعل غير المتوقعه فيما إذا كانت وجبات الطعام المعدة لهم من قبل الأم غير محببة لهم .
في حين أن الأهل يتحملون أعباء جمة من تأمين متطلبات الأسرة والسعي الدؤوب لتوفير الراحة لأبنائهم وتخفيف المشاق عنهم وتبسيط الصعوبات وتذليل وحلحلة المعوقات أمامهم غير مدركين بأنهم يقومون بخطأ فاضح هو التفنن بصناعة أبناء عديمي المسؤولية اتكاليين أو كما وصفهم بالضيوف أو المعاقين .
فبعد ما سبق هل نحن على أعتاب جيل من عديمي المسؤولية ؟ أم دق ناقوس الخطر فعلاً رغم اختلاف الظروف الاجتماعية بين المجتمعات ولكن لا يخلو الأمر من وجود هذه المشكلة لدينا بل باتت واضحة تتجلى لدى أغلب الأسر وهذا لا يبشر بالخير إطلاقاً إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن من إلقاء للمسؤوليات والتهرب من تأدية الواجبات الأسرية من قبل الأبناء على حساب تحمل الطرف الآخر ( الأهل ) لكافة المهام والمسؤوليات وإعفاء الأبناء منها بحجة أو بدونها دون تقدير الأبناء لما يقوم به الآباء لهم لأنهم صنفوا ذلك تحت بند الواجب الأسري ودون اكتراث ودراية من الآباء بأنهم يصنعون بأيديهم أبناء اتكاليين من الدرجة الرفيعة .
ألم يحن الوقت بعد كل ما سبق لنعيد حساباتنا تجاه أبنائنا وننقذ ما يمكننا انقاذه من سلوكيات وعادات خاطئة رسخناها لا شعورياً في عقولهم ونعيد ترميم المفاهيم المغلوطة التي أنشأناهم عليها دون قصد . فلنجعل من أخطائنا عبرة ونقطة الفصل ما بين ضياع الجيل وصلاحه بتعميق الصلة بيننا وبينهم وتكون ثقافة التشاركية هي الأساس والمحور الذي تنبى عليها العلاقات ضمن الأسرة .