الأبصار ترنو إلى دمشق1-

احمد ضوا :مدير وكالة سانا

تنفتح أبواب جنيف 6 على تطورات دراماتيكية سياسية وميدانية في المنطقة والعالم، تطول تداعياتها أزمات عديدة، وتترك آثارها على ملفات معقدة، ومنها الأزمة في سورية.

أول وأهم هذه التطورات هي الميدانية، وفي مقدمتها إنجازات الجيش العربي السوري في أطراف دمشق الشمالية، والمحتمل وصولها سريعاً إلى حي جوبر الذي اكتوى أهالي دمشق بقذائف التنظيمات الإرهابية فيه على مدار أربع سنوات.‏

هذه الإنجازات العظيمة ـ خلافاً لما تحاول أن تروجه الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية ـ من شأنها المساهمة في تسريع المصالحات المحلية في كل المناطق السورية، ودفع المعارضة المرتبطة بأجندات خارجية إلى التفكير طويلاً بجدوى التعويل على الخارج في تحقيق أوهامها السياسية.‏

كما تشكل إنجازات الجيش العربي السوري في هذه الأحياء، وعمق البادية ضربات موجعة لتنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين المدرجين على قوائم الإرهاب الأممية، الأمر الذي يسهم إلى حد كبير في عودة الأمان إلى مساحات واسعة من الأرض السورية، ويفسح المجال أمام انهيار مرتقب للإرهاب في سورية والعراق، وسقوط مروع لأولئك الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا بيادق في أيدي الدول المعادية لسورية والمنطقة.‏

قد يقول قائل: إنه من المبكر الخوض في هذه الاستنتاجات، ولكنَّ القراءة العميقة لتطورات الأوضاع، وحالة اليأس التي تصيب محور الإرهاب في المنطقة، وفشله عملياً في تحقيق مشاريع مشغليه؛ ربما تفتح الباب لتطورات ميدانية دراماتيكية سريعة جداً تنسحب على الجوانب السياسية بشكل غير متوقع أصلاً.‏

إن الوضع الدولي وما تعيشه الولايات المتحدة من أزمة داخلية، إضافة إلى انشغال الاتحاد الأوروبي بهواجس تفككه بعد الهزة الأرضية البريطانية، وتصاعد مخاوف التقسيم في تركيا؛ ينعكس إيجاباً على كل هذه الاستنتاجات، وهذا لا يعني على الإطلاق أن الأمور ستمر من دون منغصات أو ضربات اليائس، الأمر الذي من المفترض أن يُؤخذ بالحسبان من الدول التي تعاضدت ضد الإرهاب، وفي مقدمتها سورية وروسيا وإيران والعراق وكل القوى المتحالفة معها.‏

مع الأسف، الأمم المتحدة ـ كعادتها ـ تأتي متأخرة، ومن ثم تفقد ما تبقى من مصداقيتها ـ إن وُجدت ـ حيث كان المطلوب من هذه المنظمة أن تقف بكل قوة إلى جانب الدول التي تدافع عن سيادتها وحقها، لا أن تكون مشاركة في ضرب هذه القيمة التي تُعد من المبادئ الأساسية لشرعة الأمم المتحدة.‏

وهنا كان لابد من الإشارة إلى أن من تجب دعوته لتبني «مواقف بناءة» في جولة جنيف 6 هو وفد الرياض الذي لم يكن له همٌّ إلا الالتزام الصارم بما تمليه عليه عواصم الإرهاب، وكانت معاناة الشعب السوري غائبةً تماماً عن طروحاته خلال كل الجلسات السابقة.‏

على مدى كل جولات جنيف سعى الوفد السوري إلى وقف نزيف دماء السوريين، وخاض أشرس المفاوضات مع ممثلين للتنظيمات الإرهابية وداعميهم من الدول الإقليمية والدولية، وإلى جانب ذلك كان يعوِّل على انتصارات الجيش العربي السوري لإنجاز وصفة سياسية سورية ـ سورية تنهض بسورية الدولة القوية والمستقلة بقرارها وها هو الأمل يتحقق رويداً رويداً.‏

كل السوريين يتمنون ألا يكون هناك جنيف 7 بل دمشق 1، والأمل بتحول ذلك إلى حقيقة يُرسم بسواعد أبطالٍ.. ما ضحوا بأرواحهم إلا من أجل أن يبقى وطنهم عزيزاً شامخاً.‏

اخبار الاتحاد