كتب ناصر منذركجريدة الثورة السورية:
على بعد أيام قليلة من لقاء أستانة القادم تتوضح أكثر صورة المشهد الذي ترسمه مخيلة أردوغان، والنتيجة التي يسعى إلى تحقيقها عبر رهانه المتواصل على التنظيمات الإرهابية التي أنشأها، وسهر الليالي الطوال على رعايتها،
وتأمينها بكل وسائل القتل والإجرام، حيث تشير كل الاجتماعات والتحضيرات السابقة للقاء أستانة إلى أن أردوغان وأركان نظامه صاحب اليد الطولى داخل صفوف داعش والنصرة، ومن ينضوي تحت رايتهما التكفيرية الوهابية.
ومع تأكيد العديد من التقارير الإعلامية والميدانية أن النظام التركي يقوم بتجهيز آلاف الإرهابيين لمعاودة استخدامهم في حلب، يتضح أن السفاح أردوغان الذي اعتاد الجميع على غدره، هو آخر من يدعي أنه يعمل من أجل الحل السياسي، وأنه مجرد مخادع لا يؤتمن جانبه، خاصة وأن مناورته في التقارب مع موسكو لتحقيق مخططه الاحتلالي التوسعي في الشمال السوري باتت مكشوفة، وأن لعبه المتواصل على حبال النفاق سواء مع أصدقائه أو خصومه لن تنفعه في نهاية الأمر، ولن تعطيه في السياسة ما عجز عنه في الميدان.
جاويش أوغلو فضح مكنونات رئيسه أردوغان عندما طلب من واشنطن دعوة تنظيم داعش إلى مفاوضات الحل في سورية، ردا على دعوة أميركا بضرورة إشراك الأكراد في أي حل محتمل، وقد يظن الكثيرون أن الطلب التركي هو بمثابة السخرية من الدعوة الأميركية المذكورة، ولكنه في حقيقة الأمر تعبير واضح عن الرغبة التركية في إشراك إرهابيي داعش بشكل علني ورسمي، بدل إشراكهم من تحت الطاولة في عملية الحوار تحت مسمى «معارضة معتدلة»، خاصة أن داعش كان ولا يزال العكاز الذي تستند عليه المنظومة العدوانية لتحقيق أهدافها في سورية.
يريد أردوغان من لقاء أستانة أن يظهره كمتزعم قوي قادر على التأثير في مستقبل سورية، والمنطقة كلها، عبر سيطرته على التنظيمات الإرهابية التي يدير عملياتها الإجرامية حسب ما يريد، ووفق مراحل مخططه التوسعي، ولكنه ينسى حقيقة أن مستقبل سورية يقرره أبناؤها فقط، وليس أولئك المرتهنون لأوامر بابه العالي، أو التائهون على الطرقات الأميركية والغربية، أو المأجورون في الفنادق السعودية والخليجية.