هل يواكب تعديل قانون الإعلام خصوصية العمل الإعلامي الراهن ..؟ يونس خلف

 

ونحن نترقب الناتج النهائي للاجتماعات التي تناقش فيها اللجان المختصة في مجلس الشعب تعديل قانون الاعلام 108 وبعد ذلك مناقشته تحت قبة المجلس والخروج بالنتائج المأمولة لا بد من التذكير ببعض الأمور التي يبنى عليها الأمل بقانون إعلام عصري يواكب الحياة المعاصرة والظروف التي تبدلت كثيراً إلى درجة أن دور الإعلام  لم يعد محصوراً بتغطية الحدث بل صار يصنع الحدث .

أولى النقاط التي تستوجب التذكير والتأمل هي أنه عندما صدر  هذا القانون جاء ضمن حزمة الإصلاحات التي تعبر عن رغبة الدولة في التطوير الحقيقي لمؤسساتها بمختلف مجالات الحياة  و هذا يعبر عن مصداقية  الدولة تجاه مسؤوليتها وجديتها في عملية الإصلاح ، وبالتالي فإن هذا القانون يأخذ أهميته من جانبين الأول أنه يتوج حزمة من القوانين ومراسيم الإصلاح السياسي التي شملت قانون الأحزاب والانتخابات العامة وقانون الإدارة المحلية  والجانب الثاني هو أن القانون كان يهدف إلى فتح المجال أمام حراك إعلامي واسع تحتاجه سورية ثم يعطي هوامش واسعة جداً للصحفيين من أجل تطوير العملية الإعلامية بكل أشكالها.‏

المبدأ الأساس بمشروع القانون هو الحرية والمسؤولية وإعطاء الإعلام الحرية المطلقة للوصول إلى المعلومة مقابل عدم التدخل في الخصوصية الشخصية  إضافة إلى أنه يضمن  كرامة الصحفي وهيبته بحيث لا يجد نفسه دائما في مواجهة فزاعة القدح والذم كلما تناول مؤسسة أو مسؤولاً  وصولاً إلى مسألة في غاية الأهمية وهي  توصيف الصحفي الحقيقي وفرزه عن طبيعة الأعمال الأخرى .

اليوم يترقب فرسان الكلمة إعادة بناء هذا القانون بحيث يتمكن من  الانتقال بالإعلام السوري نحو مفهوم جديد لا تقيد فيه حرية الإعلام من أي جهة رقابية ولا يعتبر الإعلامي مسؤولاً إلا أمام قانون الإعلام  .

مشكلة الإعلام السوري الاساسية وخاصة العام منه هو أن الصحفي تحول إلى موظف وعلى الرغم من أن العمل الصحفي هو بالأساس عمل إبداعي  إلا أن الدولة أضفت على العمل الصحفي طابعاً بيروقراطياً بتشميل الصحفيين بقانون العاملين الأساسي واعتبارهم موظفين وأكثر من ذلك يحالون على التقاعد في سن الستين بدلاً من الاستفادة من خبراتهم كما هو الحال في بعض الفئات الأخرى مثل القضاة واساتذة الجامعات مع العلم أن غالبية دول العالم لا تحدد سقفاً لعمر الصحفي لأن الصحفي لا يتقاعد إلا بالموت ولذلك يذهب هؤلاء الزملاء إما للعمل في القطاع الخاص أو الهجرة بحثاً عن فرصة ليستمروا بالعمل الإعلامي .

أيضاً الملاحظات المتعلقة بالتشدد في العقوبات ولا سيما الإكثار من العقوبات المانعة للحرية لا يمكن أن يوفر الأجواء والظروف المناسبة ليمارس الصحفي دوره المهني والوطني بما في ذلك التصدي لمظاهر الخلل والفساد والبيروقراطية الأمر الذي يتطلب ضرورة ألا يكون الصحفي عرضة للعقاب والإيذاء والمساس بأمنه بسبب مهنته وبالتالي لابد من إلغاء العقوبات السالبة للحرية .

إن المأمول من أي تشريع هو أن يضمن لمهنة الصحافة حماية الحقوق المهنية للصحفيين وأهم هذه الحقوق استقلال الصحفي في ممارسة مهنته وألا يكون الصحفي عرضة للعقاب أو الإيذاء أو المساس بأمنه بسبب ممارسة مهنته وعدم جواز إجبار الصحفي على إفشاء مصدر معلوماته وحق الصحفي في الحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية وأن يكون لقانون الإعلام واتحاد الصحفيين مسؤولية محاسبة الصحفي عن إخلاله بأعراف وتقاليد وأخلاق المهنة ولا يجوز لأية جهة  بأي اختصاص كان أن تتولى تأديب الصحفي مهنياً .

المأمول هو توفير بيئة تنظيمية وقانونية تسمح لظهور قطاع إعلامي منفتح ولا بد من ضمانات للحصول على المعلومة وخاصة المتعلقة بالشأن العام والحياة اليومية للمواطن والمهم أيضاً أن تقتنع الجهات المعنية أن الصحافة السورية قادرة على مواكبة المستجدات في عالم الإعلام والاتصالات عندما تتوفر لها متطلبات العمل والظروف المناسبة لممارسة دورها بشكل فاعل ومؤثر .

الأمر الآخر الذي بات من الأولويات هو توفير الضوابط الكفيلة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفقاً لبيئة تشريعية واضحة ومحددة وضامنة للمبادئ الأساسية التي نص عليها دستور الجمهورية العربية السورية والقوانين ذات الصلة وخاصة قانون الإعلام والاستمرار في ضمان حرية التعبير التي نص عليها الدستور.

وحرصاً على عدم تقييد حرية التعبير في العمل الإعلامي فإن المأمول أن تلحظ تعديلات القانون خصوصية العمل الإعلامي وأن تنحصر مسؤوليته بقانون واحد هو قانون الإعلام سواء في الوسيلة الإعلامية أو الصفحة الشخصية للصحفي .

 

اخبار الاتحاد