غالبا ما تنكسر أحلام الشاعر على انهيارات الواقع وتداعياته الموجعة مثلما تنكسر أحلام الإنسان المعاصر على انفجارات الواقع المتردي . فلا أحد آمن لأكثر من اللحظة التي يحياها أما بعد ذلك فمن يدري.
صوت شعري ملهم ومتألق في شغاف الرومانسية الجميلة والشفافة يخطف القلوب يجعلها تتراقص على نسائم الحب في بساطته وتواضعه في روحها الشفافة والنقية . الشاعرة الشفافة المغموسة بالرومانسية المليئة قصائدها وملامحها بالحزن تجعل للحب والعشق أسمى قيمة انسانية في الوجود والحياة حيث تسافر أحلام الحب كالفراشات في الربيع حتى تتفتح الازهار وتزكي بعطر الياسمين والرياحين .
الحب عند سهير زغبور هو مفتاح الشعر ومن لايعرف الحب لن يتقن مزج القلب بالكلمة .. ولذلك هو يقابل الموت لأنه الحب الذي هو حبيب، والذي هو وطن.
في الحوار معها تتوق للدخول في أعماق تجربتها ولغتها ورومانسيتها، وثمة رغبة بأن لا ينتهي الحوار ليستمر من النهار إلى النهار لأنها تنقل المحاور إلى عالم الشفافية وتجد سهير الانسانة لاتنفصل عن سهير الشاعرة لأنها تكتب مايمليه عليها قلبها وذاتها .
سألتها : من هي سهير زغبور الإنسانة .. والشاعرة .؟ ماذا تعرفين عنها؟ وكيف ومتى بدأت علاقتها مع الشعر والكتابة. ؟
سهير نزير زغبور من طرطوس /صافيتا / مواليد دمشق مجازة باللغة العربية وحاصلة على دبلوم تأهيل تربوي
متزوجة ولدي شاب وشابة جامعيان .
أما عن سهير الانسانة فأنا اجمع خطوط يدها في كراس هو صندوقها الاسود كعراف يعرفها اكثر من ذاتها :
انا امرأة اتقن مزج الماء بالنار حد الرماد قوتي في عاطفتي التي أعقلنها عندما أشعر بأنها مصيدة القلب في ثقتي التي انتقي شركائي فيها بعناية الخالق وضعفي بين جدراني وانا أتجرد من قوتي أمام مراياي حين أبكي كثيرا وأضحك كثيرا وأعود طفلة جدا احتاج أمي بقوتي وضعفي ..وبعد كل ذاك أجد سهير الانسانة لاتنفصل عن سهير الشاعرة لأنني اكتب مايمليه علي قلبي وذاتي وعيني التي لاأستطيع تجريدها عن الانسان ..فانا أكتب للانسان عن الانسان كي تليق بحروفي صفة الانسانية . وعلاقتي بالشعر ليست حديثة العهد بالحبر فانا اكتب منذ الصغر .
– باعتبار المؤشرات الأولى كانت في المرحلة الابتدائية عبر كتابة الخواطر
ومواضيع التعبير .. كيف تطور الأمر في هذه العلاقة ومن ساهم في تنميتها .؟
بدأ يلوح في افقي من المرحلة الابتدائية حبي للادب والشعر ، كنت اضمنه مواضيع التعبير او الانشاء كما كانت تسميها امي التي انشأتني على حب القراءة وهي التي كانت تحفظ كتب جبران عن ظهر قلب . وامتهنت التعليم فترة قصيرة لكنها بقيت تلك المعلمة التي علمتني الكثير ، ولم يكن عزفها على اوتار موهبتي منفردا ، اذ شاركها ابي بذلك وهو الذي يكتب الشعر بعمق جعلني اغرق به حد التقاط مااستطعت من لآلئه ، ورافق هذا التشجيع الاسري تشجيع المدرسين ايضا فكانت لي مشاركات في رواد الطلائع ونلت المرتبة الثانية في منطقة صافيتا وكنت اشارك في القاء القصائد في المناسبات الوطنية ، وعندما انتقلت الى المرحلة الثانوية كانت قد انضجت خواطري اكثر وبذات التشجيع من مدرسيّ استمر شغفي وزاد وتطورت ادواته . وبدأ يأخذ شكل الشعر الموزون تارة والنثري تارة والقصص القصيرة تارة اخرى الى ان توجت قطافي بطباعة اول ديوان لي عام ٢١٠٦ اسميته (طقوس الحب) وكانت الطباعة في دار الغانم للثقافة لصاحبها الاستاذ الشاعر غانم بوحمود ، بعد ذلك تتالت تجارب الطباعة الى ديوان ( نايات ومن ثم تسكنني السماء وبعدها رواية طين ازرق ) وبين يدي الان ديوان ورواية قيد الكتابة .طبعا كانت لي مشاركات عديدة في امسيات شعرية خلال كل هذه السنوات .
– من هم الذين رافقوا رحلتك وكانوا أبرز الملهمين والمحفزين .؟
الملهم او الملهمين فقد كانوا كثر او لنقل كانوا رفقاء درب يمدون روحي بنسغ الحرف …كانت طبيعة نقية مسكونة بالجمال بالخضرة بالطيور وكان الألم الذي حرضه موت أمي وأنا في ذروة احتياجي لها ، هذا الالم الذي صاغ مني سهير التي تكتب الشعر ولاأقول شاعرة أنما اترك لمن يقرؤني نفي هذا اللقب او تثبيته فيما بعد .
– كيف ترسم سهير زغبور الوطن بكلمات موجزة ومعبرة .. كيف تراه وكيف تعبر عن علاقتها به .؟
في غمرة كل هذا الضجيج عندما ابحث عني اجدني هنا : ارسم وطني خارطة امل وفرح ونقاء وكرامة الوذ بها كي يكون لي محل من الاعراب .. ماذا احدثكم عن وطني بداخلي :
عجبا لقلبي الصغير كيف يتسع لوطني الكبير
لا ليس عجبا ..انه الحب يوسع البطين لاضم وطني فيه ..(اسكن وطني ويسكنني )
وطني الذي احبه اكثر مني
..علمني ان اعشق واكتب اسم حبيبي على جذوع اشجاره .. على حوره ..انحته على صخوره فتنبت منها الزهور ..
– والحب .؟
الحب مفتاح الشعر ومن لايعرف الحب لن يتقن مزج القلب بالكلمة ..ولأن الشعر ذواق فهو يبحث دائما عن طبيعة يكتب عنها او تلهمه وانا كنت محظوظة جدا لانني محاطة بطبيعة جميلة تستطيع كل يوم ان تعجن لي من قمحها قصيدة .
– لكل كاتب وشاعر مفاتيح للإبداع والإلهام ومما عرفته عنك إن بعض هذه المفاتيح تبدأ من الدمعة ..والابتسامة .. والوردة ..ورائحة المطر والقهوة .. كيف اجتمعت هذه المفاتيح مع بعضها ولماذا مع سهير .؟
مفاتيح الكتابة كلها اجتمعت في قبضة روحي .. تربكني ابتسامة وتقهرني دمعة وتنعش خلاياي رائحة المطر والقهوة . لكن الصديق الاكثر وفاء لي طيلة هذا الوقت هو الحزن ربما ابالغ في توطينه لكنه لم يشأ ان يتركني دون نفحته .. فكما اسلفت سابقا كانت وفاة امي جواز سفر لهذا الحزن الذي عبر الي ليستوطنني الى ماشاء العمر .. وكان ملهمي الصبور .
– بماذا تحدثك وقائع الحياة اليوم .. الشوارع .. الظروف الصعبة .. الآمال والطموحات والأحلام المفقودة .؟
الحياة هي ذلك المزيج غير المتجانس من كل شيء .. في فوضاها وترتيبها ورتابتها في مصاعبها وفي اوسمتها
هي ذلك الجزء المفقود منا نجده تارة في الشوارع مع طفل يبيع الحلوى او على الارصفة بين وجوه المارة أو في تقاطع الطرق او مفارقها نجده في احلامنا المؤجلة ووصايا الفلاسفة عن الامل الذي لايمكن ان نبتر قدميه او لامه التي تحملنا الى عملنا وارضنا ومدارسنا ومسارحنا ومعاملنا .. لاننا ابناء الحياة .
– آخر الكلام .. لمن وما هو ؟
اخر الكلام هو للانسان .. لكل انسان كان حقا كذلك .. ولي ضمن ذلك مالي من اناي وضميري المتكلم بلسان كل غائب او مخاطب ..اخر الكلام سنبقى نحاول ان نكون .. كي نستحق الحياة
.