أدوار غير مخفية

د.خلف علي المفتاح: الثورة

الفشل الذي أصاب المشروع الأميركي الصهيوني المتحالف مع بعض القوى الإقليمية والذي استهدف الدولة السورية بمكوناتها كافة بدأ يرتد على أصحابه وأطرافه الواحد تلو الآخر

وسبب ذلك هو الصمود الذي أبداه السوريون جيشا وشعبا وقيادة وعدم التراجع قيد أنملة عن الثوابت التي دافعوا عنها ودفعوا جراء ذلك ثمنا غاليا من دماء أبنائهم الطاهرة ومن مقدرات بلادهم ناهيك عن الدمار والتخريب والتهجير وغيره من مآس كثيرة.‏

إن الخلافات والتناقضات التي بدأت تطفو على السطح بين معسكر العدوان على الشعب السوري وجملة الاتهامات التي بدؤوا يسوقونها لبعضهم بعضاً ولاسيما قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة عن أدوارهم القذرة عما أصاب دول المنطقة من إرهاب وقتل ودمار بفعل الإرهاب الذي صدروه ومولوه وسلحوه، كل ذلك يظهر حقيقة ما كنا في سورية دائما نشير اليه وهو أن ما جرى ما كان ليكون لولا العامل والدعم الخارجي وتحديدا القطري والسعودي والتركي هذا الثلاثي الخطر والمرتبط عضويا بالتنظيمات الإخوانية والتكفيرية والمستثمر في أفعالها خدمة لأجندات بعضها خاص وأغلبها مرتبط بالقوى الاستعمارية والكيان الصهيوني.‏

وكعادته دائما فإن الغرب الاستعماري وبعد أن يستهلك أدواته أو يستشعر فشلها في تحقيق ما هو موكول اليها فإنه يسارع في التخلي عنها أو استبدالها بواجهة أخرى أو في احسن الأحوال تحميلها مسؤولية ما حدث لينأى بنفسه عن تحملها أو حتى لا يظهر بمظهر الخاسر والمهزوم الآمر الذي لا قبل له بتحمل تبعاته ولاسيما أن ثمة من يضعه بموقع المسؤولية عن ذلك سواء كان ذلك على مستوى المؤسسات أو الرأي العام في أسوأ الأحوال.‏

لقد اتبع الغرب الاستعماري في أكذوبة الربيع العربي (التي هي التسمية المضللة للفوضى الخلاقة) أساليب الأنظمة الأمنية في تعاطيها مع الجماهير والقائمة على ثلاثية التضليل والخداع وإخفاء النيات فاستخدم كل أداة الحرب الناعمة بداية وسخر آلة إعلامية جبارة وكان لقنوات التحريض من الجزيرة والعربية وغيرها الدور الكبير في ذلك استثمارا في مساحات انعدام الحرية والفقر والاستبداد لتفسح في المجال لقوى التطرف والإرهاب وجماعات الإسلام السياسي لتنقض على السلطة في بعض البلدان إن استطاعت كما حدث في مصر مرسي او تطلق العنان للعصابات الإرهابية المتطرفة بمسمياتها المختلفة لتمعن قتلا ودمارا وتخريبا في بعضها الآخر لفشلها في السطو على السلطة والاستيلاء عليها كما حدث في سورية، حيث استطاع الشعب العربي السوري وجيشه وقيادته ودعم حلفائه فرملة المشروع وصولا لهزيمته وإسقاطه.‏

إن فائض قوة الإرهاب وفائض قوة المقاومة والمواجهة الشرسة التي أبداها السوريون هي التي جعلت المشروع يرتد على مشغليه ومستثمريه وينقل الحريق إلى ساحاتهم ما خلق لهم أزمات مركبة لا قبل لهم بتحمل تبعاتها أوالتهرب والتنصل من مسؤولياتها وكلفة أثمانها عليهم وعلى مجتمعاتهم التي اكتشفت ولو بشكل متأخر درجة ومستوى تورطهم في الإرهاب الذي يزعمون محاربته عسكريا واجتثاثه فكريا، والمفارقة العجيبة هنا انهم يطالبون الغير بذلك وهم في بلد المنشأ ومركز التمويل متناسين انهم هم ذاتهم من يقبض ثمن دماء السوريين والعرب والمسلمين على وجه العموم ممن يدعون حماية الإسلام والدفاع عن المقدسات.‏

إن المعطيات تشير إلى أن السحر قد بدأ ينقلب على الساحر ولن يحول دون ذلك عشرات أو مئات المليارات التي دفعت رشا سياسية لمن اعلن صراحة أن لا حماية إلا بالمال والحقيقة هي أن لا حماية إلا بالشعب وقوة الداخل فالشعوب لا تحكم إلا بالقبول الشعبي والشرعي فالقوة الأميركية لم تستطع حماية السلطة في جنوب فيتنام عام ١٩٧٥ ولا استطاع عسكر الشاه وتحالفه مع أميركا حمايته عندما اندلعت الثورة الإيرانية وأسقطته لا بل إن السلطات الأميركية لم تسمح لطائرته بالهبوط فكانت وجهته مصر السادات حيث وافاه الأجل؟ فهل تعلم هؤلاء الحكام من دروس التاريخ؟؟

 

اخبار الاتحاد