بعد أن أصبح ملف التهريب شماعة لتعليق ارتفاع الأسعار عليه نسأل الجهات المعنية: لماذا لا يتضمن هذا الملف أسماء أشخاص أو إجراءات وإنما فقط بيانات عن المواد المهربة، وكأنما الذين يقومون بالتهريب من جماعة الأشباح غير المنظورين وآخر ما حرر في هذا المجال عن تهريب الأغنام تصريحات معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، يعود لارتفاع سعر لحم غنم العواس محلياً، نتيجة عمليات تهريب الأغنام إلى لبنان والعراق، إضافة إلى السماح بتصديرها، لكونها من اللحوم المطلوبة لجودتها، مقابل عدم استيرادها مؤخراً.
وكانت أسعار اللحوم الحمراء قد ارتفعت خلال شهر رمضان بمعدلات عالية بلغت نحو 7000 ليرة لكيلو لحم الغنم في أسواق دمشق، و6000 ليرة لكيلو لحم الغنم في أسواق اللاذقية وطرطوس، ولعل آخر همِّ المعنيين إذا ما كان المواطن يطبخ بلحمة أو من دونها أو يطبخ بالماء أو لا يطبخ أبداً فهذه حرية شخصية وليس لها علاقة بالأمن الغذائي للمواطن ولجيل بأكمله من الأطفال والشباب لا تطول أيديهم لحوماً حمراء ولا حتى بيضاء؟!
ولا نملك إلا أن نشكر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تقدمت بطلب إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية للسماح باستيراد اللحوم الحمراء، لإحداث توازن في العرض والطلب في الأسواق، وخفض الأسعار، لكن ردّ وزارة الاقتصاد لم يصل بعد!
علما أن وزارة الزراعة هي الجهة المنوط بها تحديد الدول التي يتم استيراد اللحوم الحمراء، وخاصة لحم الجاموس، منها.
وتفيدنا الجمارك أن «سبب تهريب الإغنام إلى العراق هو فارق السعر الذي يصل أحياناً إلى أكثر من الضعف، ويخلق بيئة مشجعة لنشاط عمليات التهريب».
لقد تمت مناقشة ملف التهريب على مدى سنوات الأزمة ولعل من الأمور القليلة التي تم الاتفاق عليها الأثر القاهر للتهريب على ارتفاع الأسعار في السوق السورية، لكن أحداً لم يقل أو يشرح لنا كيف يتم تهريب الأغنام، وهي شي محسوس وملموس عبر الحدود، ومن هم المهربون الذين يضعون قطعان الماشية في جيوبهم؟! والأهم كيف عرف المعنيون بهذه العمليات؟