” كورونا” يضع مصير نظام أردوغان على المحك!!

على خلاف دول العالم التي استنفرت كل طاقاتها وجهودها لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره تعاطى رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مع تفشي الفيروس في بلاده بشكل غير مبال متجاهلا أرواح مواطنيه لكنه ما لبث أن سارع إلى استغلال هذه الأزمة ليس لاحتوائها وانما لتحقيق غاياته السلطوية ومن بينها التنكيل بمنتقديه ومعارضيه والتأثير في شعبيتهم بين الأتراك.التخبط في إدارة أزمة كورونا لدى النظام التركي ظهر منذ بداية استفحالها في تركيا حيث فرضت سلطات أردوغان الحظر في البلاد بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار ما تسبب بفوضى عارمة في المدن التركية لتأمين المواد الغذائية والمعيشية وهو ما دفع وزير الداخلية سليمان صويلو إلى الاستقالة ومن ثم رفضها من قبل أردوغان ذاته في مشهد سلط الضوء على حجم الخلافات الداخلية التي يعاني منها هذا النظام.وفي محاولة لامتصاص الغضب والنقمة داخل المجتمع التركي على سوء إدارته لأزمة كورونا لجأ البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تبني قرار للإفراج عن السجناء بحجة التخفيف من الاكتظاظ في السجون مع انتشار الفيروس وبينهم مرتكبو جرائم خطيرة لكنه استثنى العديد من الصحفيين والسياسيين والناشطين والمواطنين العاديين الذين دخلوا السجن لمجرد انتقادهم الحكومة.أردوغان الذي اعتبر نفسه في حرب بين نارين وهما أما التركيز على الإجراءات الاحترازية وتعطيل حركة الاقتصاد أو إبقاء الحركة الاقتصادية وتجاهل دعوات الإغلاق الكلي لتلافي الوقوع في أزمة اقتصادية أقسى من تلك التي تعاني منها البلاد كرس جل وقته للتنكيل بمعارضيه ومنتقديه واصفا إياهم بـ “الأوبئة والفيروسات” وحاول سحب البساط من تحتهم وعدم تمكينهم من الإقدام على أي فعل من شأنه تعزيز شعبيتهم بين الأتراك محاولاً بذلك احتكار أي تقدم مفترض في الأزمة لصالحه وحارماً خصومه من أي مبادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.وبإيعاز من رئيس النظام التركي بدأت وزارة الداخلية التركية الأسبوع الماضي تحقيقاً مع رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش وهما من حزب الشعب الجمهوري المعارض لأنهما أعلنا عن حملة لجمع التبرعات من أجل مساعدة الفقراء والمحتاجين في ازمة كورونا ما دفع أردوغان لتحجيمهما والتضييق عليهما واتهامهما بإنشاء دولة داخل الدولة أو تأسيس كيان مواز للدولة لينسب لنفسه أي فعل أو مبادرة في إطار تقديم المساعدات والإعلان عن حملة لجمع التبرعات تصب في صالح نظامه في النهاية.سيمون تيسدال الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية قال في مقال مؤخرا إن أردوغان تعامل مع أزمة كورونا من خلال وضع الاقتصاد ومكتسباته السياسية أولا قبل الحفاظ على أرواح الناس مؤكدا أنه متهم مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتسييس الأزمة.تيسدال أشار في مقاله إلى قيام أردوغان بحظر جهود جمع الأموال من قبل مجالس المدن التي تسيطر عليها المعارضة في إسطنبول وإزمير وأنقرة نتيجة الأداء المثير للإعجاب لعمدة إسطنبول إمام أوغلو المنافس الرئاسي المحتمل له في انتخابات عام 2023 وهو ما اقلقه أكثر من مسالة تفشي الوباء.من الواضح أن أزمة كورونا كشفت هشاشة نظام أردوغان في مواجهة الأزمات ولا سيما التي ورط بلاده بها منذ أعوام من بينها دعم الإرهاب في سورية وليبيا وغيرهما والتدخل في شؤون عدد من دول المنطقة كالعراق إضافة إلى الفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة في الداخل التركي وسياسات الترقيع في إنقاذ الاقتصاد المأزوم مع خسارة ملايين الأتراك وظائفهم بسبب كورونا دون وجود خطط لإعادة توظيفهم ما يضع مصير هذا النظام على المحك.

اخبار الاتحاد