على صفيح ساخن . علي نصر الله

تبدو الأجواء ملبدة، ليس في منطقتنا، وأوروبا، وشرق آسيا، بل على امتداد العالم، وحوله، ولاتكاد الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة تخفى على أحد، ذلك مع تخطي الغرب، أميركا، والكيان اللقيط، كل الخطوط الحمراء.

الأجواء المسيطرة توحي بأن العالم يقف على حافة هاوية كارثية، وكل ما فيه يشير إلى أن الأوضاع كأنها عشية حرب كبرى، الاصطفافات، اللهجة الحادة، التهديدات، الانسداد في المسارات السياسية، كلها تؤكد أن الوضع الحالي خطير جداً وغير مسبوق ولا يمكن مقارنته بحالة سابقة مر بها عالمنا.

التصريحات الأميركية الغربية الإسرائيلية، التي تبدأ من البيت الأبيض، رئاسة الأركان العامة، الأمن القومي الأميركي، ما يسمى بالقيادة المركزية، قيادة الناتو، الرؤوس الحامية في القارة العجوز، أردوغان، وإسرائيل، إذا ما أضيفت للممارسات العدوانية، فإنها تؤكد أن الجنون قد استحكم بهذه المنظومة ككتلة واحدة وقد اتخذت قرار الحرب.

الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سورية، محاولة تفجير الوضع في لبنان، تجاهل مطالب الشعب الفلسطيني والتوغل في ارتكاب الجريمة ضده، خرق تحالف العدوان التفاهمات والهدنة في اليمن، الإصرار على دعم النازية في أوكرانيا، تسعير الاغتيالات في إيران، والمماطلة في فيينا، ليست مجرد مؤشرات، هي قرائن لا يمكن عزل إحداها عن الأخرى، بل هي رزمة متكاملة من الأعمال المنسقة تدار من واشنطن، وتوزع فيها الأدوار استهدافاً لسورية ودول المقاومة، لروسيا والصين، ولكل القوى المناهضة لنظام الهيمنة والعولمة واللبرلة الأميركية.

بين الضغط السياسي، والتذخير العسكري، يمارس الإرهاب الاقتصادي على أوسع نطاق، ما يعني أن منظومة العدوان الأميركية الغربية مع الملحقات والأدوات تتحرك باستراتيجيات واضحة بالبيانات والخطط والبرامج وعلى نحو متكامل لتجاوز العقبات وحالة التعثر، ولمحاولة التقدم باتجاه الأهداف التي لن تتحقق.

صحيح أن ما تقدم يبدي واشنطن ومن معها وكأنها في وضع المتمكن الذي يمسك المبادرة ويتحرك بثقة، غير أن واشنطن قبل شركائها تدرك أنها تعاني أزمة كبرى لا تلخصها الخيبات والنتائج المعاكسة لرغبتها فقط، إنما تخشى تسارع الانهيار بالمخططات بمقابل تسجيل الخصوم تفوقاً بالنقاط، يضعها أمام استحقاقات مهمة أقلها ربما النزول عن الأحادية، وطي صفحة الهيمنة الاقتصادية.

هذا لا يعني أنها والمنظومة التي تقودها هي في حالة الدفاع عن النفس، لكن ذلك لا يخفي أن حالة الجنون التي تلفها إنما سببها تلمس التراجع القسري الذي يفرض عليها في العديد من الجبهات والمحاور.

أفيف كوخافي رئيس أركان جيش الاحتلال، ربما عبر عن الحالة العامة التي يواجهها كيانه، بقوله إنه يواجه سلسلة من الجبهات “من السكين إلى النووي” ومن “جنين إلى أصفهان”، لكنه التعبير الذي ينطبق على كامل منظومة العدوان وليس فقط على الكيان المؤقت، وحتى لو كان يراد من ذلك التهويل بغرض إيجاد المسوغات للقيام بأعمال تتخطى الخطوط الحمراء، فإن عليه وعلى الداعمين لكيانه الاستعداد لتلقي الردود على الجبهات التي ذكرها وحددها.

في سورية، وعلى مدى السنوات الماضية، تم تلقين منظومة العدوان الدرس الأهم بتحطيم المشروع وتمزيقه. في أوكرانيا يستكمل ذلك بدرس آخر لا يقل قسوة يهيئ لتحولات عالمية كبرى. وإذا استعجلت إدارة جو بايدن وحكومة نفتالي بينيت المضي في التهور، فإن الصفيح الساخن الذي يضعان العالم عليه، سيكون ملتهبا تحت أقدامهما، وعليهما الاستعداد لتلقي الدرس الأكثر أهمية، وربما الأخير.

اخبار الاتحاد