وسط حالة من الجدل تنتاب أجواء التعليم العالي، وبعد روتين طويل نامت عليه الجامعات الخاصة منذ تاريخ إحداثها وحتى الآن في القبول الجامعي حيث كانت أبرز قواعد الانتساب والتسجيل لهذه الجامعات تعتمد على النسب المئوية من معدل علامات الثانوية العامة، وهي الطريقة التي خلقت شرخاً اجتماعياً وعلمياً كبيراً بين الطلبة المنتسبين للتعليم العام والطلبة المنتسبين للتعليم الخاص وخاصة في مجال التخصصات الطبية. فقد كان الفرق يصل إلى 30 علامة بين طالب الطب البشري في الجامعة الحكومية والذي يُفترض عليه أن يحصل على ما يفوق 235 درجة لكي يتسنى له التقدم على مفاضلة الطبيات، وبين طالب الطب في الجامعات الخاصة الذي قد يحصل على أقل من 200 درجة إلا أن إمكانياته المادية والتسهيلات الوزارية وقواعد الربح الفاحش التي تعتمدها هذه الجامعات ضمنت له هذه الفرصة الذهبية.
اليوم نحن على أبواب طرح مفاضلة جديدة من نوع آخر للدخول إلى الجامعات الخاصة، مفاضلة مركزية تشمل كل الجامعات الخاصة بدلاً من تنفيذ كل جامعة لمفاضلة خاصة بها. ويجري الحديث حول أهميتها بين أروقة وزارة التعليم العالي من جهة والجامعات الخاصة من جهة ثانية. فهناك من يمدح هذا التطبيق، وهناك من يذمه ويرفضه، وهناك من يطالب بالإسراع لتنفيذه.
ومع أن القرار النهائي سيكون من خلال جلسة خاصة يقرها مجلس التعليم العالي قريباً، إلا أنه من المهم الإشارة إلى الايجابيات التي يراها المعنيون في هذا المفاضلة وما السلبيات التي دفعت البعض للنفور من مجرد طرح هذه الفكرة .. وخاصة أن أهم تلك الإيجابيات هي تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة مع منح فرصة أكبر للرقابة من قبل وزارة التعليم العالي على المعدلات. إضافة إلى تسهيل عملية التسجيل بالنسبة للطلبة بحيث يكون التقديم ضمن مفاضلة واحدة تتضمن كل الجامعات بدلاً من أن يتقدم إلى أربع أو خمس مفاضلات متنقلاً بين الجامعات الخاصة لكي يحصل على المقعد الذي يرغب به.
وحيث إن الجميع حالياً بانتظار امتحانات الدورة الثانية للشهادة الثانوية والنتائج النهائية لأعداد الناجحين والتي قد يؤخرها وجود اعتراضات الآلاف من الطلاب على نتائجهم الامتحانية وهذا بحد ذاته يشكل تأخيراً في التسجيل في الجامعات الحكومية والخاصة معا. إلا أن ذلك فرصة للمعنيين في مجلس التعليم العالي لدراسة صحة هذه الخطوة بشكل أفضل.. لكي لا تكون تجربة ارتجالية شبيه بالتجارب السابقة، سيضطرون لإعادة النظر فيها بعد فترة قصيرة من التطبيق. وخاصة أن هناك موجة من التساؤلات إن كانت فكرة المفاضلة المركزية هي الفكرة البديلة عن المطالب المتعلقة بفرض السنة التحضيرية على الجامعات الخاصة أسوة بالجامعات الحكومية.. وإن كانت ستنظر بموضوع معدلات القبول بالنسبة للكليات الطبية والهندسية في الجامعات الخاصة والتي تعتبر نوعاً من أنواع العدالة التعليمية بين طلبة العام والخاص.