ما بعد جنيف كما قبله.. تدمير سورية الثابت الوحيد في الاستراتيجية الغربية متابعات سياسية

فؤاد الوادي:

الواضح أنه وبعد أكثر من ستة سنوات من الحرب كانت متخمة بالإرهاب والقتل والتدمير، قد ظهر جلياً أن كل ما تقوم به أطراف الإرهاب وأدواته بشقيها العسكري والسياسي ليس إلا جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية تدمير الدولة السورية واستنزافها حتى الرمق الأخير.

هذا الامر يجب فهمه جيداً خاصة من قبل اولئك الذين لا يزالون يراهنون على انقلاب في الموقف الأميركي والغربي، لان ذلك لا يساعد على حل تلك الإشكالية والغموض الذي يعتري مواقف تلك الأطراف فقط، بل سوف يساعد أيضاً على فك شيفرات ورموز معظم الاستراتيجيات والمواقف والتصريحات والسياسات المتلونة والمتباينة والمتناقضة في كثير من محاورها وعناوينها وخطوطها، تلك السياسات التي لا تزال تنتهجها تلك الأطراف كشكل من أشكال الخداع والزيف، وكنوع من أنواع الترف السياسي المحاط بهالة من الاستعراض والصخب والضجيج.‏

الاجتماعات والمباحثات والاتفاقات والمؤتمرات المتكررة والمتوالدة من رحم الاتفاقات والمواقف والتصريحات والامزجة المتبدلة والمتغيرة – مسلسل جنيف بحلقاته المستنسخة والذي انتهت حلقته الخامسة بالأمس دون تحقيق أي نتائج تذكر بانتظار حلقات جديدة ، وكذلك مسلسل أستنة وما سبقه ووازة من اجتماعات ومؤتمرات في عدد من بلدان المنطقة والعالم – هي جزء من تمثيلية ولعبة تلك الأطراف وخاصة الأطراف المؤثرة والفاعلة دوليا وإقليميا بهدف التغطية على المقاصد والاهداف الحقيقية وبهدف تشتيت الانتباه عن ألة الموت والخراب التي لا تزال تقتل وتدمر وتحصد أرواح الشعب السوري وشعوب المنطقة.‏

صحيح ان هناك تبدلات وتغيرات في بعض الامزجة والمواقف والسياسات حيال التعاطي مع الازمة السورية، سواء أكان ذلك من باب مواكبة المتغيرات أو من باب التكتيك والخداع، لكن الاستراتيجيات الغربية بعموميتها لا تزال ثابتة فيما يخص التشبث بدعم الإرهاب واحتضانه ومواصلة الرهان عليه برغم كل الكوارث والخسائر والاثمان التي دفعت على الأرض والتي لم تؤد الى احداث تغيرات حقيقية في تلك الاستراتيجيات، بقدر ما أحدثت تصدعات وشروخات كبيرة فيها، وربما هذا ما يفسر سبب تراجع بعضها على الأرض حتى تتبلور رؤية واضحة تمكنها من إعادة ترميم نفسها ومواصلة طريقها – الاستراتيجية الأميركية في ظل الرئيس ترامب الضائعة والغائبة والمستثمرة بشكل جيد من قبل واشنطن لجهة عجلة الابتزاز التي تسير بسرعة مضطردة مع حلفاء الأخيرة واداوتها.‏

النتيجة التي نود أن نخلص إليها هي.. أنه وبرغم كل تلك المباحثات والاجتماعات السابقة والمتواصلة الى ما لا نهاية، فإن تلك الأطراف لم تُبدِ حتى اللحظة أي بادرة حسن نية لإقناعنا كسوريين انهم يريدون الحل السياسي –طبعا نحن نقصد هنا الأطراف الفاعلة مثل اميركيا وتركيا وأوروبا لان بقية الأطراف ليست إلا مجرد بيادق وأدوات تفعل ما تؤمر فقط سواء بثمن أو بغير ثمن – بل على العكس من ذلك فقد كان سلوكهم على الأرض يثبت عكس ذلك، فالتصعيد والتسخين والهروب الى الامام كان ولا يزال ديدنهم، خاصة في اللحظات الفاصلة والحرجة التي يتعرضون فيها الى صفعات وهزات ونكسات وهزائم في الميدان كما حصل في هزيمتهم الكبرى في حلب والتي جعلتهم كالثور الهائج يرمون بأنفسهم في الهاوية بدل التعامل مع الواقع الجديد بمعادلاته وقواعده بكل حكمة وموضوعية.‏

الثابت حتى الان وبحكم التجارب السابقة أن خيارات الميدان وقواعده وحوامله هي الاقدر على رسم ملامح وعناوين المرحلة المقبلة، وهي الاقدر بالتوازي على إجهاض كل السياسات والاستراتيجيات التي لا تزال تجهد لوضع العصي في عجلات الحل السياسي بهدف تدمير الدولة السورية.‏

اخبار الاتحاد