حوار السقف المفتوح مع المدير العام للحبوب. صحيفة الوطن

حوار السقف المفتوح مع المدير العام للسورية للحبوب .
صحيفة الوطن .
حاوره : يونس خلف
هل تبدلت صورة المؤسسة بعد أن اهتزت بسبب الفساد وسرقة الاقماح المخزنة في العراء .؟
هروب امناء المستودعات وغيرهم من المعنيين مؤشر على فساد متعمد . !
لا يمكن أن تتبدل صورة الترهل والضعف وتجاوز نقاط الضعف ومظاهر الفساد في مؤسسة ما إلا بتشخيص هذه النقاط واستبدالها بنقاط قوة تنقل المؤسسة إلى مستوى متقدم من الاداء ، نقول ذلك ونحن نتحدث اليوم عن مؤسسة عريقة في سورية منوط بها تأمين القمح الذي هو مصدر وعماد رغيف الخبز بعد أن اهتزت صورة هذه المؤسسة في السنوات القليلة الماضية إلى درجة أن ثمة شعور بالقلق عليها بأنها ليست بأيد أمينة إلى أن انفجرت قنبلة الفساد في بعض مراكز التخزين فيها بالحسكة وكشفت عن سلسلة تجاوزات وسرقات من القمح المخزن في العراء تحت غطاء بيع بقايا التخزين والارضيات ، وعندما نسأل اليوم هل تبدلت صورة المؤسسة فإننا كمن يسأل سؤال العارف لأن ما نعرفه خلال متابعتنا لوقائع العمل منذ نحو تسعة أشهر بعد أن تولت إدارة جديدة للمؤسسة ثمة مؤشرات بأن الصورة تبدلت وأن هناك ملامح واضحة للصورة الجديدة وباعتبار أنه لا يمكن الحديث عن قصص نجاح في مؤسسة إنتاجية أو اقتصادية أو خدمية بمعزل عن الاشخاص الذين يقودون العمل في هذه المؤسسة لذلك السؤال الذي نبحث عن إجاباته في حوار اليوم مع المدير العام للمؤسسة هو ما هي مؤشرات ذلك وكيف يمكن قراءة بعض ملامح الصورة الجديدة ؟ ولا نريد أن يفهم احد من ذلك أن كل شي يتعلق بمدير جديد فقط أو أن اي تطوير يرتبط برأس المؤسسة ، لأن العمل المؤسساتي الناجح الذي يستطيع تحسين صورة اي مؤسسة يتطلب العديد من العوامل والمعطيات ولا يقتصر عل مدير أو وزير أو أي شخص بمفرده ، ولعل في مقدمة ذلك توفير بيئة العمل المناسبة لنقل وتحسين الصورة والعمل بروح فريق العمل الواحد وبعد ذلك شعور القائد الإداري الناجح بأنه لا يولَد بقدرات استثنائية ولا يستطيع أن ينجز كل شيء بمفرده، وأن العمل الجماعي هو الطريق الأمثل لتحقيق النجاح.
ولذلك كان سؤالنا الأول للمدير العام للمؤسسة السورية للحبوب السيد عبد اللطيف الأمين : هل المؤسسة الآن على السكة الصحيحة من حيث إعادة ترتيب البيت الداخلي والتقييم الشامل وإبعاد كل من يسيء للمؤسسة .. وما هي ألية العمل لتحقيق ذلك.؟
عوامل النجاح :
– يرى مدير عام السورية للحبوب أن نجاح العمل في اي مؤسسة يعتمد على عدة عوامل في مقدمتها قوة عاملة ملتزمة ، ولا بد من معرفة العوامل التي يواجهها العاملون والتي قد تؤثر على أدائهم ولذلك يجب دائما تحديد سبب ضعف الأداء لمعالجة المشكلات ، ونحن نسعى دائماً للأفضل ولكننا ما نزال في منتصف الطريق لتحقيق ريادة المؤسسة وذلك من خلال تأهيل الكوادر وإبعاد المسيئين والمقصرين وأيضاً إيجاد أفضل الوسائل لتحسين الأداء ولدينا كوادر كفوءة وبحاجة إلى تأهيل وصقل وتوجيه صحيح وهذا ما يدفع بالمؤسسة قُدماً نحو الأفضل.
• قبل الدخول بنقاط الضعف ومظاهر الفساد التي نتابع اليوم مدى تجاوزها … هل اتضحت الآن المؤشرات حول ملامح موسم الحبوب لجهة الحالة العامة للمحاصيل والإنتاجية وواقع محاصيل الحبوب بالمحافظات ؟
– بالنسبة لمؤشرات ملامح موسم الحبوب نأمل ونتمنى أن يكون موسم القمح موسم خير ووفير ،إلا أن المؤسسة السورية للحبوب تقوم باستلام محصول القمح من الأخوة الفلاحين والمنتجين على ضوء كميات الإنتاج التي تقوم بتقديرها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وهذا أمر مرتبط بالعوامل المناخية بالنسبة للزراعة البعلية ، وأيضا مشروط بتوفير المستلزمات من سقاية ومحروقات والخدمات والاخرى بالنسبة للمساحات المروية.
• في مواسم الحبوب ثمة إشكالية تظهر مع بداية كل موسم هي التعليمات المتعلقة بالمواصفات والمقاييس.. كيف يتم اتخاذ القرار بالمواصفات ولماذا تتغير في بعض المواسم عن غيرها؟
– يتم عادةً وضع المقاييس الرسمية لموسم الشراء بناء على معلومات تتعلق بمراحل حالة الموسم في كافة المحافظات مع مراعاة بعض الأمور منها المقاييس الرسمية وشروط استلام الحبوب لموسم التسويق السابق ووضوح معالم الموسم للكميات التي سيتم تسويقها على مستوى محافظات القطر في ضوء المساحات المزروعة وذلك في نهاية شهر آذار و التواصل مع مديريات الزراعة لمعرفة الآفات والظروف المناخية التي أثرت على نمو القمح وأيضاً كميات الأقماح الموردة في الموسم السابق وفق درجاتها وحصر مشاكل المواسم السابقة لتعديل هذه المقاييس بما يتناسب مع تجنب ظهور المشاكل مستقبلاً وذلك بمعرفة الدرجات العددية بمادة القمح التي سيتم تسويقها من الأخوة الفلاحين حيث تكون الدرجتين الأولى والثانية هي درجة القمح المثالي لإنتاج دقيق الخبز التمويني والدرجات العددية الأدنى يجري غربلتها في صوامع المؤسسة للوصول بها إلى مواصفات القمح الطحنية
وبعد الوصول إلى المقاييس الرسمية يتم عرضها على كافة الفروع باجتماع رسمي يعقد قبل بداية الموسم ليتم اعتماد هذه المقاييس والمتضمنة كافة مقترحات الفروع ومن ثم الموافقة عليها من مجلس الإدارة ليتم إقرارها أصولاً من قبل السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
• من التحديات التي تواجه رغيف الخبز موضوع المطاحن ما هو عددها وتوزعها سواء العائدة للمؤسسة أو القطاع الخاص ، وهل يمكن القول إن الكميات اللازمة للرغيف تحت السيطرة. ؟
– تقوم المؤسسة بتأمين الاقماح اللازمة والكافية لتشغيل المطاحن بالطاقات القصوى المتاحة وتأمين مستلزمات الصيانة والتشغيل لتامين مادة الدقيق وتغطية حاجة المخابز وتأمين المخزون الاستراتيجي المطلوب ،
ويبلغ عدد المطاحن التابعة للمؤسسة السورية للحبوب المستثمرة حاليا / 21 / مطحنة عامة و/ 19 / مطحنة خاصة تم التعاقد معها لتأمين النقص الحاصل لمادة الدقيق عن الكمية المنتجة لدى المطاحن العامة وتبلغ الطاقة الإنتاجية اليومية للمطاحن العامة العاملة ٣٨٢٠ طن دقيق والطاقة الإنتاجية اليومية للمطاحن الخاصة المتعاقد معها ٢١٠٦ طن دقيق
أي أن مجموع الطاقة الإنتاجية اليومية للقطاعين العام والخاص ٥٩٢٥/ طن دقيق
بينما الحاجة اليومية للمخابز التموينية/ ٤٥٤٢/طن دقيق .
دمج المشكلات أثر سلباً :
• كيف يمكن تقييم تجريه الدمج بين مؤسسات الحبوب والمطاحن والصوامع .. هل كانت إيجابية وحققت نتائج فعلاُ.. وما هي أهم مؤشرات هذه النتائج؟
– بالنسبة للقانون رقم /11/ لعام ٢٠١٩ القاضي بدمج مؤسسة الحبوب وشركتي المطاحن والصوامع كان القانون إيجابياً من حيث حصر العجز التمويني بجهة واحدة لكن بالمقابل ظهرت بعض السلبيات مثل ضعف الرقابة المتبادلة ما بين مراكز الإنتاج وأيضاً خلط الأدوار ما بين المؤسسات الثلاث وغياب مبدأ التخصص حيث من الملاحظ في كل بلدان العالم التي نمت وازدهرت كان مبدأ التخصص حاضراً في ميادين عملها ونعمل جاهدين أن تكون النتائج عند تطوير عمل المؤسسة باختصاصها أفضل لكن رغم هذه الملاحظات يتم العمل على التغلب عليها وتجاوزها من خلال المتابعة وتأهيل الكوادر الفنية لضبط الاداء وتحقيق التكامل بين المؤسسات التي دمجها .
• رغم عراقة المؤسسة في عمليات التسويق إلا أن الملاحظ إن عمليات الشراء والتسويق لازالت بحاجة إلى أن تكون مؤتمتة بشكل كامل لتجنب الأخطاء و عدم تدخل العنصر البشري فيها لمنع بعض الممارسات التي تكون ربما للمنفعة أو المحسوبيات أو الواسطات ولا سيما ما يتعلق بموضوع تسويق مادة القمح أو رفضه.. أو نوع الإجرام ودرجة الأقماح.. إلى أين وصلت المؤسسة في ذلك وهل هناك من جديد.؟
– فيما يتعلق بموضوع الأتمتة فإن المؤسسة اعتمدت أتمتة موضوع الشراء منذ عام 2005 وقامت بتجهيز البنية التحتية اللازمة له وتدريب العناصر القائمين عليه، حيث تم ربط كافة مراكز الشراء بالمصارف الزراعية التابعة لها ضمن برنامج شراء خاص يتم بموجبه إصدار قائمة شراء (شيك مصرفي) فيها باركود يسلمه الفلاح للمصرف الزراعي ليتم صرف مستحقاته خلال 72 ساعة وهذا البرنامج يقوم باحتساب الدقيق بكافة حسمياته وفق الجدول التحضيري وبذلك لا يكون للعنصر البشري اي تدخل ، كما يوجد برنامج للقبان موحد وضع بالاستثمار منذ عام 2018 لكل من الشركات الثلاث قبل الدمج(الحبوب، المطاحن، الصوامع سابقاً) لضبط الأقماح الداخلة والخارجة للمنشأة وفق باركود خاص ويجري العمل حالياً على ربط البرنامجين المذكورين أعلاه مع الغرف السرية والمخبر ببرنامج واحد، وذلك رغم قلة الكوادر الفنية المتخصصة في هذا المجال وينحصر تدخل العنصر البشري في تحليل عينات القمح التي ترد إلى مراكز الشراء لتحديد الدرجة العددية التي سيتم شراؤها من حيث احتساب نسبة الإجرام والشوائب وباقي العوامل المحددة لدرجة القمح علماً بأن أخذ العينة من واسطة النقل المحملة بمادة القمح يتم بواسطة المسبر الآلي.
• كيف تعمل المؤسسة على تأهيل الكوادر وتدريبها وتطوير مهاراتها الإدارية والفنية؟
– تقوم المؤسسة السورية للحبوب بتنفيذ عدد من البرامج التدريبية الفنية والإدارية من خلال خطة معتمدة أصولاً من قبل وزارتي التنمية والتجارة الداخلية وتشمل هذه البرامج العديد من الدورات في كافة فروع المؤسسة التي تسهم في تأهيل العاملين وتطوير مهارتهم الفنية ومنها دورة فنية ومحاسبية لتحديد قيمة الحبوب وفق مواصفاتها وايضا الأسلوب الأمثل للتسويق والتخزين والتعقيم ، ودورات أخرى مثل دورة لصيانة الألات الميكانيكية والكهربائية لتعليم العاملين في مراكز المطاحن والصوامع على صيانة الآلات الخاصة بها.
و دورات لصيانة الأجهزة المخبرية لتأهيل العاملين في هذه المخابر ، وكذلك دورات خاصة بأخذ عينات الدقيق إضافة إلى دورات
التخليص الجمركي وما يتعلق باستيراد الأقماح .
الخاصرة الضعيفة للمؤسسة :
• موضوع التخزين في العراء خاصرة ضعيفة للمؤسسة سواء لجهة الهدر أو السرقة أو الظروف المناخية … كيف يتم ضبط العمل وتجاوز ما يحصل؟
– تقوم المؤسسة السورية للحبوب بتخزين الحبوب من (القمح –الشعير-الذرة.. ) سواءً للقطاع العام أو الخاص في الصوامع أو الصويمعات التابعة لها أو في العراء إذا اقتضى الأمر وذلك في حال عدم توفر حيز في الصوامع.
ونتيجة الظروف التي مرت بها البلاد وخروج القسم الأعظم من الصوامع والصويمعات خارج الخدمة بسبب سيطرة المجموعات الإرهابية عليها أو تعرضها للأضرار مما اضطر إلى التخزين في العراء حيث يبلغ عدد الصوامع الإجمالية التابعة للمؤسسة (31) صومعة بطاقة تخزينية /3.5 / مليون طن موزعة على فروع المؤسسة منها خمسة صوامع مستثمرة حالياً بطاقة /500 / ألف طن إضافةً إلى صوامع المطاحن وعددها خمسة بطاقة /700 / ألف طن ، أما الصويمعات المعدنية فيبلغ عددها /99/ صويمعة على مستوى المؤسسة بطاقة تخزينية قدرها/مليون و٢٤٠ /ألف طن المستثمر منها حالياً /9 / صويمعات طاقتها / 103 / ألف طن. ولرفع الطاقة التخزينية للصوامع والصويمعات وإدخال طاقات تخزينية جديدة فقد قامت المؤسسة حالياً بالإعلان عن إعادة تأهيل بعض الصوامع وعندما نقوم بالتخزين بالعراء نراعي مجموعة من الشروط منها اختيار الأرض المناسبة لوضع أكداس الحبوب عليها ويتم شحن الحبوب حسب مبدأ الأقدم فالأحدث حيث يتم تخزين كل موسم وكل درجة على حده .
• توليتم مهمة إدارة المؤسسة بعد أن حدث ما حدث في الحسكة من إهمال وهدر وفساد ولا سيما في مركز تخزين الحبوب بجرمز.. كيف يمكن توصيف ما حدث بالضبط وما هي نقاط الضعف التي تسببت في ذلك .. وهل هناك إجراءات جديدة لمنع تكراره وتحصين المخزون من أي مخالفات.؟
هروب أمناء المستودعات يؤكد تورطهم :
– بالنسبة لما حدث في الحسكة تبين أن من بين الأسباب التي أدت إلى ذلك عدم الاهتمام بالمخازين كما يتطلب الأمر ووفقا للشروط والتعليمات المحددة من قبل المؤسسة بدءاً من التأكد.من سلامتها بشكل دوري مرورا بتعزيز الحراسة بكل الوسائل الممكنة لأن الاقماح مخزنة على امتداد مساحات واسعة في العراء وهذا يتطلب أن تكون الاكداس واضحة ومكشوفة لناصر الحراسة إضافة إلى وجود إنارة في الليل منعاً لتسلل كل من يحاول العبث بالأكداس . لكن الأمر المهم هنا أنه رغم وجود هذه الملاحظات يبقى احد اهم أشكال الخلل غياب المتابعة وعدم وضع الإدارة العامة بوجود هذه الملاحظات والنواقص ليتم تداركها وعدم إرسال تقارير أسبوعية توضح واقع الحال وهذا مؤشر على عدم الاهتمام والمتابعة . أيضا يمكن القول في سياق توصيف ما حدث أنه رغم عدم انتهاء التحقيقات إلا أن هناك نقطة هامة تثير التساؤل والشك وهي هروب أمناء المستودعات وبعض المعنيين بما حصل إلى خارج القطر الأمر الذي يؤكد علاقتهم بوجود فساد متعمد وهذا ما ستوضحه نتائج التحقيقات ، لكن ما حدث بالتأكيد دفعنا لضبط الاداء أكثر وتجاوز كل نقاط الضعف التي كانت موجودة بالتعاون والتنسيق مع السلطات المحلية بالحسكة التي كان لها دور مهم في متابعة كل الأمور ومستمرين بالتعاون معها حفاظاً على الاقماح المخزنة واتخاذ كافة الوسائل من حراسة ووقاية من العوامل الجوية والتعقيم المستمر والمتابعة وتحميل المسؤوليات كل حسب موقعه من الحارس وحتى المدير كل هذا يجعل العمل جيداً ويحافظ على المخزون الاستراتيجي في كل الأماكن .
اخبار الاتحاد