ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الفلسطينيون في قطاع غزة لويلات الحرب والحصار ، فقد فرضت إسرائيل في أعوام 2008، 2012و 2014 وحاليا 2023 حصارا بريا وجويا وبحريا على قطاع غزة فزادت معاناة مواطني القطاع البالغ عددهم حوالي 1.8 مليون نسمة. اللافت للنظر بما لا يقل أهمية عن موضوع الحصار هو طريقة تأقلم الفلسطينيين مع الوضع البائس الذي يعيشون فيه هناك ، فقد وجد الفلسطينيون في غزة أنفسهم مكرهين على اجتراح حلول تساعدهم على التأقلم مع الوضع المعيشي المأساوي الناتج عن الحصار ، الذي أدى إلى نقص شديد في المواد الأساسية التي يحتاجونها، مثل الغذاء والوقود ، كما أعاق عملية النمو الاقتصادي في القطاع لفترة طويلة الأمد، إضافة إلى مشاكل أخرى كثيرة ، مثل صعوبة الحصول على الخدمات الطبية أو مياه الشرب النظيفة ، أو حتى التعليم اللازم لأبنائهم. إلا أن الفلسطينيين لم يستسلموا لهذه الظروف ، وقرروا التغلب على العقبات المترتبة عن الحصار الإسرائيلي ، ليعيشوا حياتهم بكرامة رافضين الاستسلام .للذل، حيث قاموا بتهريب الإسمنت ومواد البناء عن طريق الأنفاق واستعانوا ببعض المواد التي عثروا عليها بين أنقاض البيوت المدمرة، بالإضافة إلى اصطياد الأسماك بالرغم من وجود السفن الإسرائيلية التي تهددهم وتستهدفهم لمحاولة سد النقص الغذائي ، ويخاطر المزارعون الفلسطينيون بحياتهم بدخولهم لأراضيهم الزراعية التي يعتبرها الإحتلال مناطق عسكرية مغلقة. كما يواصل الأهالي على إرسال أبنائهم إلى المدارس رغم الغارات الإسرائيلية التي تستهدفها.
يستغرب العالم الخارجي من سكان غزة وقدرتهم على التأقلم مع الظروف الصعبة ، كيف يمكن للفلسطيني إعادة بناء بيته ، وهو يعلم أن إسرائيل سوف تدمره مجدداً ! من جهتهم، يرى الفلسطينيون أن مقاومة الاحتلال ضرورة لا مفر منها ، بل إنها واجب أخلاقي تجاه أرضهم ووطنهم ، ومن هنا تأتي ضرورة دعم الدول العربية والمجتمع الدولي القضية الفلسطينية والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية من أجل تأمين حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بحياة كريمة ٱمنة مطمئنة.