من الصعب ألّا يتفجر القلب أسى بسبب هذه المجازر والجرائم التي تحدث في فلسطين.
نستطيع الجزم أنها مضت إلى غير رجعة تلك المقولة التي طالما ضلل بها الغرب الرأي العام القائلة بالحقوق الإنسانية والأخلاقية في حرب تستهدف المستشفيات بشكل مباشر، هذا يحدث في عصر التكنولوجيا والثورة الإعلامية ووسائل التواصل، ولم يتحرك الضمير الإنساني في أمريكا وأوروبا.
ثلاثون يوماً وما زالت الجريمة مستمرة في بث حي ومباشر وتستهدف الأبرياء الفلسطينيين، ولم يقدم جيش الاحتلال أيّ دليل ليس بين الماضي والحاضر سوى شعرة، وليس بين الحياة والممات سوى خيط دقيق، النازية التي زعمت أوروبا وأمريكا أنها قد قضت عليها في القرن الماضي، تطلّ علينا اليوم في ممارستها نفسها من قِبل جيش الاحتلال المدعوم من أوروبا وأمريكا، نازية في ثوب جديد تستهدف بأسلحتها الأبرياء بشكل مقزز، ومن يفلت من نيرانها، تقطع عنه أبسط سبل الحياة، فتمّ قطع الوقود عن غزة، لكي يقطعوا أي أمل للحياة أو للأمل، وصل بهم الحال لقطع الوقود عن المستشفيات، وهو ما أدى إلى استشهاد جميع من كانوا على الأوكسجين الصناعي، ليس ذلك فحسب، بل منعت المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح إلّا من قليل من الشاحنات لذر الرماد في العيون!
سيشهد كل ركن في غزة على قبحهم، ومستشفى الشفاء تحديداً سيبقى شاهداً على تاريخهم وحاضرهم النازي القبيح، حيث تم قطع الوقود عنه وقصفه حتى التهمته النيران، وبدلاً من أن يكون مكاناً للعلاج أصبح مجمعاً للموت بقرار أوروبي أمريكي وتنفيذ إسرائيلي نازي.
البث اليومي لأحداث الحرب على قطاع غزة يظهر بوضوح استهداف مدافع وصواريخ جيش الاحتلال لكل مظاهر الحياة المدنية في قطاع غزة، ولا يمكن تجميل ذلك من خلال الأعداء بأن مستشفى الشفاء هو قاعدة لعمل قيادات المقاومة، فهذا لن يتم إثباته كما سبق أن حدث، عندما تم قصف مخيم جباليا وقتل أكثر من 500 من سكانه الأبرياء لمجرد الاشتباه بوجود أحد رجال المقاومة، وهو ما ثبت أنه مجرد كذبة لاحقاً!
بعد عقود من الخداع والتضليل، جاء يوم طوفان الأقصى ليكشف النقاب عن حقيقة القارة الأوروبية وأمريكا التي لم يتغير شيء في طبيعتها الاستعمارية، في عار لا يمكن التسامح معه في المستقبل، وإذا كان هناك من يتعامل مع هذه الحقيقة بالدبلوماسية والسياسة، فإن هناك الكثير أيضاً ممن لن يتسامح في حق إخوانه من الشهداء المظلومين الذي سقطوا ضحايا الاحتلال الإسرائيلي.
تلك الحرب وضعت حداً للتحالفات وأظهرت كل المؤامرات، وأوضحت كيف تدور السياسة الدولية في العالم، وانكشفت مشاهد العبثية التي كانت تفتخر بالإنسانية والحرية والكرامة والمساواة والعدل وقوة الشرعية الدولية لا شرعية الغاب!